الكلام فيما عدا
اصول الفقه ـ كالفقه والنحو وغيرهما ـ لسبق تعريفه بالإضافة على العلميّة ، فتعيّن
أن يكون المراد بها معناه اللغوي وهو « العلامة » كما يقال : الرفع علم الفاعليّة
والنصب علم المفعوليّة.
وهذا وإن كان معنى
عامّا جامعا لأعلام الأشخاص ، وأعلام الأجناس ، وأسماء الأجناس وغيرها من الألفاظ
الموضوعة ، لكون كلّ لفظ موضوع باعتبار دلالته على معناه الموضوع له علامة له ،
غير أنّ المراد به هنا ما ينطبق على أسماء الأجناس ، لانتفاء الأوّلين حسبما عرفت
، فيكون اصول الفقه كغيره من قبيل اسم الجنس الموضوع للماهيّة الكلّيّة من حيث هي
، الّتي هي ، إمّا القدر المشترك بين جميع المسائل والقدر المعتدّ به منها الكافي
في حصول الغرض المقصود من تدوينها ، أو جنس التصديق بالمسائل ، أو جنس ملكة
التصديق بها ، على الخلاف الاتي.
ويمكن القول بخروج
اصول الفقه عن سياق النظائر لتضمّن معناه التعريف ، ولذا يعرّف : « بأنّه العلم
بالقواعد ... الخ » ولا جهة له إلاّ العلميّة ، فيكون من قبيل علم الجنس ، بخلاف
الفقه مثلا المتضمّن معناه التعريف بشهادة أنّه يعرّف : « بالعلم بالأحكام ... الخ
» وجهته التعريف باللام ، فيكون من قبيل اسم الجنس المعرّف.
وفي تعريف المنطق
يقال : « إنّه الة قانونيّة ... الخ » وفي تعريف النحو يقال : « إنّه علم ... الخ
» فالقول بالتفصيل حينئذ غير بعيد.
ثمّ في كون
الألفاظ المشار إليها أسامي لنفس المسائل ، أو التصديق بها ، أو ملكة التصديق بها
، وجوه بل أقوال خيرها أوسطها ، لأنّ الامور الاصطلاحيّة يرجع لمعرفتها إلى تنصيص
أربابها ، ولا نظنّ نصّا منهم أقوى ممّا اتّفقت عليه تعاريف هذه الأسامي ، إلاّ ما
شذّ منها من أخذ العلم فيها جنسا ، واعتبار تعلّقه بالمسائل أو ما يرادفها
كالأحكام والقواعد والقوانين والأحوال ونحوها ، فإنّه لو لا كونها عندهم أسامي للتصديق
بالمسائل ، لأفضى أخذ العلم فيها جنسا إلى البينونة فيما بين الحدّ والمحدود.