وإنّما أهمل اصول
الفقه ، وترك التعرّض لشرحه لغة وعرفا ، إضافة وعلما ، لكون غرضه الأصلي من وضع
الكتاب التعرّض لمسائل الفقه ، وإنّما أورد جملة من مسائل اصول الفقه من باب
المبادئ ، كما هو ديدن جماعة من أوائل الأصحاب ، حيث أوردوا في مفتتح كتبهم
الفقهيّة كثيرا من مباحث هذا العلم ، وحيث إنّ غرضنا الأصلي هنا البحث عن هذا
العلم واستكمال النظر في مسائله ، فالمناسب أن نتعرّض لبيان ما أهمله المصنّف قدسسره فنقول:
إنّ اصول الفقه
علم لهذا العلم كما صرّح به جماعة من الاصوليّين ، وكذلك غيره من ألفاظ سائر
العلوم ، كالفقه والكلام والمنطق والنحو والصرف وغيرها ، فإنّ كلاّ علم لمسمّاه
الخاصّ ، ولكن ينبغي أن يعلم أنّه ليس المراد بالعلميّة هنا كونها من قبيل علم
الشخص كزيد وعمرو ونحوهما ، بدليل : إنّ كلاّ منها في معناه العلمي ممّا يعرّف
ويعرّف به ، وعلم الشخص ما كان مسمّاه جزئيّا حقيقيّا ، ومن حكمه ألايعرّف ولا
يعرّف به ، ولا كونها من قبيل علم الجنس كاسامة ونحوه ، بدليل عدم جريان أحكام
المعارف عليها لذواتها من دون اعتبار تعريف فيها بواسطة الإضافة أو اللام.
وعلم الجنس ما
يجري فيه أحكام المعارف ، سواء قلنا بكونه معرفة أيضا ، كما هو قضيّة القول بالفرق
بينه وبين اسم الجنس بأنّه ما وضع للماهيّة بشرط حضورها في الذهن ، واسم الجنس ما
وضع لها لا بشرط.
وعليه مبنى القول
بالفرق بينه وبين المعرّف باللام ، بأنّه يدلّ على التعريف بجوهره ، والمعرّف
باللام يدلّ عليه بواسطة اللام.
أو قلنا : بأنّه
لا فرق بينهما إلاّ في أحكام اللفظ ، من امتناع الإضافة ، ودخول اللام ، والوصف
بالمعرفة ، والوقوع ذا الحال ، وغير ذلك من أحكام المعارف.
ولا ريب أنّ كلاّ
من ألفاظ العلوم ممّا يصحّ إضافته وتعريفه باللام ، ولا يصحّ وصفه بالمعرفة بدون
اعتبار تعريف فيه بأحد الوجهين ، كما يظهر أثر صدق هذا