وظاهر السياق يقضي
بكون المراد بهما ما يضاف إلى موارد التكليف ، كما أنّ قضيّة ورودهما في عداد
الخمس التكليفيّة كون البحث عنهما من مسائل الفنّ ، لكن يردّه أنّ البحث عنهما وإن
شاع وقوعه فيه ، غير انّه ليس لغرض أصلي ، بل لترتيب ما يترتّب عليهما من التكاليف
الّتي منها وجوب الإعادة والقضاء وعدمهما ، بل هما لعدم كونهما من جملة الأحكام
الشرعيّة أولى بعدم كونهما من المسائل الفرعيّة بالقياس إلى سائر الوضعيّات الّتي
تقدّم بيان كونها من الأحكام الشرعيّة وإن لم تكن من مجعولات الشارع.
[٣٧]
قوله : ( فلا جرم يكون موضوعه هو أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء والتخيير ...
الخ )
وفي الحيثيّة
إشارة إلى أنواع الخمس التكليفيّة ، فإنّ الاقتضاء هو الطلب ، ومتعلّقة إمّا فعل
شيء أو تركه مع المنع من النقيض ولا معه فيندرج فيه أربع منها ، ويبقى الباقي وهو
« الإباحة » مرادا من التخيير ، لأنّه عبارة عن التسوية بين شيئين فصاعدا ،
والإباحة يلزمها التسوية بين طرفي الفعل والترك ، ومن يرى الوضعيّات داخلة في
مسائل « الفقه » يعتبر بعد ذلك قيد « الوضع » أيضا ، ويراد به ما لم يكن ممّا طلبه
الشارع ولا سوّى فيه بين الفعل والترك ، بل عيّنه سببا أو شرطا أو مانعا أو غير
ذلك ، ممّا لا يعدّ ولا يحصى.
وضابط الفرق بين الحكم التكليفي والحكم
الوضعي : أنّ الأوّل عبارة عن كلّ
صفة في الشيء منوط ثبوتها فيه بالأربع المعروفة في شروط التكليف العامّة ، وهي
محصورة عندهم في الخمس المذكورة ، يسمّى كلّ منها باسم ، وتسمية الجميع بالحكم
التكليفي تغليب غير ملحوظ معه مناسبة المعنى اللغوي ، فإنّ الملحوظ فيه تلك
المناسبة ليس إلاّ الوجوب والتحريم ، من حيث إنّ التكليف « تفعيل » من