وعلى هذا القياس
بحثهم فيما لو أمكن الجمع بين المتعارضين من حيث أولويّة الجمع وعدمها ، فإنّ هذا
كلّه بحث عن حال الدليل ، ولا حاجة معه إلى جعل التعادل والترجيح قسما اخر من
موضوع الفنّ قبالا للأدلّة.
وأمّا المباحث
المتعلّقة بالاجتهاد فقد تقدّم الإشارة [١] إلى أنّها ليست
من مسائل الفنّ ، بل هي كمباحث التقليد ترد في الفنّ استطردا ، لعدم مدخل لها في
الاستنباط ، ولا كونها ممّا يبتنى عليها الاجتهاد ، وسيأتي زيادة بيان لذلك في باب
الاجتهاد ، ومعه لا حاجة إلى النظر في أنّه بنفسه قسم اخر من موضوع الفنّ أو أنّ
البحث عنه راجع إلى حال الدليل ، مع ما في الإرجاع إليه باعتبار الاستنباط من
التعسّف ما لا يخفى ، لوضوح كون الاستنباط من أحوال المستنبط ، وهو ليس من الدليل
في شيء.
ثمّ ، في المقام
إشكالات ينبغي الإشارة إليها والتعرّض لدفعها :
أحدها
: أنّ أكثر مسائل
هذا العلم مفروضة على الوجه الأعمّ ، كمباحث الأمر والنهي ، والمنطوق والمفهوم ،
والعامّ والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، وغير ذلك ممّا يلحق أنواع اللفظ بقول مطلق ،
شامل لغير ما هو في الكتاب والسنّة بل غير ما هو من الشارع ، فإنّ الأمر وتواليه
بقول مطلق ليس بدليل ، بل الدليل خصوص ما ورد منه في الكتاب أو السنّة مع أنّ كلاّ
من تلك مأخوذ في المباحث المذكورة على الوجه الأعمّ ، ضرورة أنّ غرض الاصولي من
حقيقيّة الأمر مثلا في الوجوب ليس حقيقيّة خصوص ما ورد في الكتاب أو السنّة ، كيف
وهو ينافي تصريحاتهم الموجودة في مطاوي كلماتهم ، ولا يلائمه تعبيراتهم عن
العنوانات بكونها كذلك في العرف أو اللغة.
وبالجملة ، موضوع
الفنّ أخصّ من موضوعات مسائله لأنّ وصف الدليليّة قائم بالأمر الكتابي ونحوه ،
والأحكام المأخوذة في المسائل ترد على ما هو أعمّ منه ، كما لا يخفى.