ولو اريد من
المسائل اللغويّة ما هو من قبيل المبادئ اللغويّة المقرّرة في كتب هذا العلم ،
فتخرج بما يخرج به تلك المبادئ من قيد « الأحكام » إذ قد عرفت أنّها مهّدت
لاستنباط موضوعات الأحكام لا نفسها ، ولك أن تقول : إنّها مهّدت لاستنباط المسائل
الاصوليّة كما يفصح عنه التعبير عنها بالمبادئ ، فتخرج بقيد « الفرعيّة » ولا
ينافي شيئا ممّا ذكر ما لو اتّفق من استنباط بعض الأحكام أيضا من هذه المسائل ،
لأنّ ذلك حينئذ من باب الفوائد المترتّبة على الشيء الخارجة عن عنوان الغايات ،
فليتدبّر.
ولأجل بعض ما ذكر
قد يعدل عن التعريف المذكور ، فيعرّف « بالعلم بأحوال أدلّة الأحكام الشرعيّة
الفرعيّة من حيث إنّها أدلّتها » فخرج « بأحوال الأدلّة » أحوال غيرها من النحو
وغيره ، و « بالأحكام » أحوال أدلّة غير الأحكام و « بالشرعيّة » أحوال أدلّة غير
الأحكام الشرعيّة و « بالفرعيّة » أحوال أدلّة الأحكام الغير الفرعيّة ،
وبالحيثيّة أحوال أدلّة الأحكام الشرعيّة اللاحقة لها لغير جهة الدليليّة ، ككون
الكتاب منجّما ، أو منزّلا على وجه الإعجاز ، أو كونه على سبعة أحرف أو غير ذلك.
تتمّة في بعض ما
يتعلّق بموضوع هذا العلم.
واعلم أنّ شرح
موضوع العلم بعنوانه المطلق لعلّنا نتعرّض له عند شرح عبارة المصنّف الاتية ،
والغرض الأصلي في هذا المقام بيان موضوع هذا العلم فنقول :
إنّ المعروف بينهم
جعله الأدلّة الأربعة الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، وقد يضاف إليها الاجتهاد
والتعادل والترجيح فيجعل الموضوع أقساما ثلاث ، نظرا إلى أنّه كما يبحث في هذا
العلم عن الأدلّة الأربعة كذلك يبحث عن الاجتهاد وهو القسم الثاني ، وعن التعادل
والترجيح وهو القسم الثالث ، وعن بعضهم إدراج الثالث في الأوّل ، نظرا إلى أنّ
البحث عن التعادل والتراجيح راجع في الحقيقة إلى البحث عن دلالة الأدلّة وتعيين ما
هو الحجّة منها عند التعارض.