والثالث : ما يكون
دليليّته لمجرّد التعبّد ، كخبر الواحد وغيره على الظنّ [ الخاصّ ] [١].
والرابع : ما يكون
دليليّته منوطة بعدم ورود دليل من أحد الأنواع المذكورة على الخلاف ، كالاصول
العمليّة.
ولا ريب إنّ
المستنبط في الرجوع إلى جميع تلك الأنواع لا يحرز إلاّ صغرى ، وهي بمجرّدها لا
تقضي بكون مفاد الدليل حكما في حقّه إلاّ إذا انضمّ إليها الكبرى المحرزة في
الخارج ، طلبا للنتيجة التي هي الحكم المجعول في حقّه ، وهذا كما ترى هو الحكم
الفعلي بمذاقنا ، والحكم الظاهري بمذاق من تقدّم ، فالحكم الظاهري بهذا المعنى
يشمل الأحكام المستفادة من الأدلّة القطعيّة أيضا ، إلاّ أن يدفع أوّل الإشكالين
بأنّ الغير الواقعي من القطعيّات وإن خرج عن أحد فردي الأحكام بهذا المعنى ، لكنّه
يدخل في الفرد الاخر وهو الظاهري منهما ، وثاني الإشكالين بأنّ المراد بالأعمّ من
الواقعي والظاهري القدر المشترك بينهما الجامع لهما ، وهو ما يجب بناء العمل عليها
، فيرجع محصّله حينئذ إلى الحمل على إرادة الأحكام الفعليّة ، ومعه فلا مخالفة.
هذا كلّه فيما
يتعلّق بمركّب « اصول الفقه » باعتبار جزئيه المادّيين المضاف والمضاف إليه. وأمّا
ما يتعلّق به باعتبار جزئه الصوري ومعناه العلمي ، فالكلام فيه يقع في مقامين :
المقام
الأوّل : واعلم أنّ « الاصول » من هذا المركّب إن أخذ بأحد معانيه
اللغويّة المتقدّم [٢] ذكرها المبتنى عليه ، والمحتاج إليه ، والمستند إليه ،
والمنشأ ، وما منه الشيء ، ومن معانيه الاصطلاحيّة بمعنى الدليل أو الراجح أو
الاستصحاب كانت الإضافة بينه وبين « الفقه » لاميّة ، سواء اخذ « الفقه » بمعنى
المسائل أو التصديق بها أو ملكة التصديق بها ، وإن اخذ بمعنى القاعدة أمكن جعلها
بيانيّة ، بناء على أخذ « الفقه » بمعنى المسائل.