سبحانه أبصار القلوب. وحينئذ ، فالرؤية القلبية التي ذكراها عليهماالسلام إنما هي عبارة عن انكشاف أنوار العظمة الإلهية وظهور
لوامع البروق السبحانية على مرايا قلبيهما ، الموجب لليقين التام الذي لا ينقص عن
المشاهدة بالبصر ، كما يشير إليه قول أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ : «لو كشف الغطاء ما
ازددت يقينا»[١].
وروى في (الكافي)
عن يعقوب بن إسحاق عن أبي محمد عليهالسلام قال : سألته : هل رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله ربّه؟ فوقّع عليهالسلام : «إنّ
الله تعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب»[٢].
وفي خبر آخر
رواه في كتاب (الاحتجاج) عن الكاظم عليهالسلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث يذكر فيه مناقب رسول الله صلىاللهعليهوآله والإسراء به ، قال فيه : «وعرج به في ملكوت السماوات
مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم
فتدلّى له من الجنة رفرف خضر ، وغشي النور بصره فرأى عظمة ربه عزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه (فَكانَ قابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى * فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)[٣]» [٤] الحديث.
وإلى هذه
المرتبة أيضا الاشارة بما ورد عن الصادق عليهالسلام من الحديث القدسي حيث قال سبحانه : «وما يتقرب إليّ عبدي
بشيء أحبّ ممّا افترضت عليه ، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنوافل حتى احبّه ، فإذا
أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده
التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته»[٥].