الثالث
: أن المفروض في
هذه الأخبار ، عدم وجود النهي وعدم حصول العلم بالحكم ، والحال أن النهي قد ورد في
تلك الأخبار ، كما سيأتي ، وهو النهي عن القول بغير علم [٢] ، والنهي عن
ارتكاب الشبهات [٣]. وحصل أيضا منها العلم ، وهو العلم بالاحتياط في بعض
الأفراد ، فإنه أحد [٤] الأحكام الشرعية ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا يكون
مضمون [٥] هذه الأخبار مخصوصا بما قبل إكمال الشريعة ، أو بمن لم يبلغه النهي العام
المعارض لهذه الأخبار ، فيبقى الآن مضمونها غير موجود عند العلماء العارفين
بمعارضاتها.
الرابع
: أنها خلاف
الاحتياط ، وما يقابلها موافق للاحتياط ؛ فإنه لا خلاف في رجحان الاحتياط في
المقام ، وإنما الخلاف في وجوبه واستحبابه ، فالنافون للبراءة الأصليّة على وجوبه
في هذا المقام ، والمثبتون لها على الاستحباب. والأخبار المستفيضة الدالة على
الأمر بالاحتياط في الدين [٦] أوضح دلالة وأكثر عددا ، فالعمل بما يوافقها أرجح
البتّة. ولعل أقرب هذه الوجوه ، هو الحمل على التقيّة فيما وضحت دلالته على ذلك من
هذه الأخبار ؛ لأنها أصل الاختلاف في أخبارنا كما نبّهنا عليه في محل أليق.
وأمّا الجواب
التفصيلي ؛ فأمّا عن الحديث الأول ـ وهو عمدة أدلّة القوم ،
[١] انظر : الكافي ١
: ٦٨ / ١٠ ، باب اختلاف الحديث ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ـ ١٠٧ ، أبواب صفات القاضي
، ب ٩ ، ح ١.
[٢] وسائل الشيعة ٢٧
: ٢٢ ـ ٢٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٤ ، ح ٥ ، ٩ ، ١٠.
[٣] انظر وسائل
الشيعة ٢٧ : ١٥٤ ـ ١٧١ ، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يحكم به ، ب ١٢.