ثم قال : (والذي
يدلّ على ذلك أنه قد ثبت في المعقول أن الإقدام على ما لا يأمن المكلف كونه قبيحا
مثل الإقدام على ما يعلم قبحه ، ألا ترى أن من أقدم على الإخبار بما لا [١] يعلم صحّة
مخبره جرى في القبح مجرى من أخبر مع علمه بأن [٢] مخبره على خلاف ما أخبر به على حدّ واحد؟
وإذا ثبت ذلك ،
وفقدنا الأدلّة على حسن هذه الأشياء ، فينبغي أن نجوّز كونها قبيحة ، وإذا جوّزنا
ذلك فيها قبح الإقدام عليها) [٣]. ثم أطال الكلام في النقض والإبرام بدفع ما يرد على
دليله في هذا المقام.
رأي
المحقق رحمهالله
وممّن اختار
ذلك وصرح به المحقق رحمهالله في (المعتبر) قال : (وأمّا الاستصحاب فأقسامه [٤] ثلاثة :
الأول
: استصحاب حال [٥] العقل ، وهو
التمسّك بالبراءة الأصلية ، كما تقول : ليس الوتر واجبا ؛ لأن الأصل براءة العهدة.
الثاني
: أن يقال : عدم
الدليل على كذا ، فيجب نفيه. وهذا يصحّ فيما يعلم [٦] أن لو كان
هناك دليل لظفر به ، أما لا مع ذلك فإنه يجب التوقّف ، ولا يكون ذلك الاستدلال
حجة.
ومنه القول
بالإباحة لعدم دليل الحظر [٧] والوجوب). ثم ذكر الثالث ، وهو الاستصحاب بالمعنى
المشهور [٨].