المعتزلة [١] ، والأمرين [٢] كما هو رأي جماعة [٣] ؛ لعدّ [٤] العقلاء أمر الأدنى الأعلى سفها ، فلو اشترط العلوّ لما كان هذا أمرا ، ولو
لا أنّ فيه الاستعلاء لما عدّ سفها. ويدلّ على عدم اشتراط العلوّ قوله تعالى حكاية
عن فرعون : ( فَما ذا تَأْمُرُونَ )[٥].
فإن قيل : هذا
يدلّ على عدم اشتراط الاستعلاء أيضا.
قلنا : ممنوع ؛ لأنّا
نلتزم تحقّق الاستعلاء فيه ؛ لأنّ افتقار فرعون إليهم في علمهم اضطرّه إلى التخضّع
لهم ، وترخّصهم في التكلّم معه على جهة الاستعلاء تعظيما لعلمهم ، وقس عليه
أمثاله.
ولو قطع النظر عنه
نقول : لمّا علم بالدلالة اعتبار الاستعلاء ، يتعيّن إرادة المعنى المجازي من
مثله.
ويدخل في إطلاق
الطلب الإيجاب والندب ، ولا يلزم منه كون مطلقه أمرا ؛ لأنّ الأمر هو القول الدالّ
بالوضع على الطلب. ولو جعل نفس الطلب ـ كما هو رأي جماعة [٦] ، وإن لم يكن صحيحا عندنا ، كما يأتي [٧] ـ فليس مطلق
الطلب ، بل الطلب بالقول الدالّ بالوضع عليه.
وعلى التقدير
الأوّل [٨] ينحصر بصيغة « افعل » وما بمعناها في لغة العرب كالمضارع
المقرون باللام ، واسم الفعل ، مثل « رويد » و « صه » أو غيرهما ؛ لأنّ غيرهما [٩] ـ ممّا يدلّ على الطلب مطلقا كـ « أمرتك » أو مقيّدا في وجوب كـ « أوجبت » و
« حتّمت » ، أو ندب مثل « ندبت » و « سننت » ـ لا يدلّ عليه وضعا.
[١]
حكاه البصري في المعتمد ١ : ٤٣ ، والفخر الرازي عن المعتزلة في المحصول ٢ : ٣٠٢.
[٢]
عطف على العلوّ ، أي عدم اشتراط الأمرين وهما العلوّ والاستعلاء.
[٣]
حكاه الأسنوي عن القاضي عبد الوهّاب في التمهيد : ٢٦٥.
[٦]
منهم : المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٦٤ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٩٤ ،
والأسنوي في نهاية السؤل ٢ : ٢٢٦ ، والشهيد
الثاني في تمهيد القواعد : ١٢١ ، والفاضل التوني في الوافية : ٦٨.