اعلم أنّ الشائع
عند القوم تقسيم الحكم إلى الشرعي والوضعي ، وهو يشعر بعدم دخول الثاني تحت الأوّل
، كما صرّح به جماعة [١].
والحقّ أنّ أحكام
الوضع كلّها داخلة في أحكام الشرع ؛ لأنّ كون الشيء سببا ـ ككون الوقت سببا لوجوب
الصلاة ـ أو شرطا ـ ككون الطهارة شرطا لصحّة الصلاة ـ أو مانعا ـ ككون النجاسة
مانعة من صحّتها ـ إنّما هو بجعل الشارع ووضعه.
ولا نعني بالحكم
الشرعي إلاّ ما استفيد منه ، فيجب أن يعرّف الحكم الشرعي بحدّ يدخل فيه الحكم
الوضعي ، وقد عرّف بتعريفات كثيرة أكثرها لا يخلو عن شيء ، وأصحّها ما ذكره بعض
المحقّقين وهو أنّه خطاب الله المتعلّق بأفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء ، أو
التخيير ، أو الوضع [٢].
ويمكن تصحيح الحدّ
بدون القيد الأخير ؛ نظرا إلى دخول الحكم الوضعي في الاقتضاء ؛ لأنّه لا معنى لكون
الزنى مثلا سببا للجلد إلاّ وجوبه عنده ، ولا معنى لكون الطهارة شرطا للصلاة إلاّ
جواز الدخول فيها عندها وحرمته دونها ، وكذا لا معنى لكون نجاسة المبيع مانعة من
بيعه إلاّ حرمة الانتفاع عندها. وقس عليه أمثاله.
[١] منهم : الفخر
الرازي في المحصول ١ : ٩٣ ، والأسنوي في التمهيد : ٤٨ ، والشهيد الثاني في تمهيد
القواعد : ٣٤ ، القاعدة ٢.