وذكر بعض
النحويّين [١] أنّ هذا الواو مع الاثنين بمنزلة ألف التثنية ، ومع الثلاثة
فصاعدا بمنزلة واو الجمع ، فيلزم على ذلك أن لا يكون فرق بين إيراد الكلام في
العقود والإيقاعات وغيرهما بلفظ التثنية والجمع ، أو بالواو مع الاثنين والأكثر ،
إلاّ أنّ الفقهاء [٢] ذكروا أنّه إذا أوصى رجل في مرض موته بعتق سالم وغانم مثلا
، ولم يف الثلث بهما ، يعتق الأوّل خاصّة ، وعلى القاعدة يلزم أن يعتق جزء من كلّ
منهما أو يقرع بينهما ؛ لأنّ الحكم فيما إذا قال : « أعتقوا هذين العبدين » كذلك [٣].
وهنا فرق آخر ،
وهو أنّه إذا قال رجل : « لزيد عليّ ثلاثة دراهم إلاّ درهما » يلزمه درهمان قولا
واحدا. وإذا قال : « له عليّ درهم ودرهم ودرهم إلاّ درهما » فعلى القاعدة الحكم
كذلك ، إلاّ أنّ بعضهم [٤] على أنّ الاستثناء يعود إلى الجملة الأخيرة ، فيبطل
الاستثناء ؛ لكونه مستغرقا.
قاعدة
الفاء العاطفة
موضوعة لمعان :
منها الترتيب ،
وهو إمّا ذكري ، وهو عطف مفصّل على مجمل ، نحو « توضّأ ، فغسل وجهه ويديه ، ومسح
رأسه ورجليه ». وإمّا معنوي ، نحو « جاء زيد فعمرو ».
ومنها التعقيب ،
وهو في كلّ شيء بحسبه ، نحو « تزوّجت فولدت » و « دخل المدينة فمكّة » ، فهو يشتمل
التراخي أيضا.
ومنها السببيّة ،
نحو ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ
فَتابَ عَلَيْهِ )[٥] ، فتقدّم الأوّل في المعاني الثلاثة معتبر إلاّ في الترتيب الذكري.
[١] نسبه الشهيد
الثاني إلى ابن مالك في تمهيد القواعد : ٤٤٧ ، القاعدة ١٥٧.
[٢] منهم العلاّمة
في تحرير الأحكام ٣ : ٣٤٣ ، المسألة ٤٧٥٨ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١٠ :
١٢٠ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٤٤٦ ، القاعدة ١٥٧.