والحقّ : أنّ
المعتبر في اتّصاف ذات بالمبدإ في الحال هو أن يقال في العرف : إنّها متّصفة به ،
وهذا متحقّق ما دام الفاعل مباشرا للفعل بالمباشرة العرفيّة ، أي ما دام لم يحصل
فصل بين أجزاء الفعل بحيث يقول العرف : زالت المباشرة.
واستدلّ عليه أيضا
: بأنّه لو لم يكن الإطلاق المذكور حقيقة ، لما صدق المؤمن على النائم والغافل
حقيقة ؛ لأنّ الإيمان بأيّ معنى اخذ غير موجود لهما [٢].
وهذا الدليل أيضا
غير تامّ ؛ لأنّه يمكن أن يقال : هذا الإطلاق مجازي ، أو مبدأ الإيمان موجود في
خزانة النفس عند النوم والغفلة.
وقد استدلّ عليه
بأدلّة أخر أيضا إلاّ أنّها غير تامّة ، كما قالوا : قد يطلق الضارب ـ مثلا ـ على
من انقضى عنه الضرب ، ويقال : زيد ضارب أمس ، والأصل في الإطلاق الحقيقة [٣].
وقد عرفت [٤] أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة في أمثال هذه الصور ، فالمعتمد ما قدّمناه [٥].
هذا ، واستدلّ على
المذهب الثاني بوجوه كلّها مندفعة ، وعمدة أدلّتهم : أنّه لو كان إطلاق الضارب ـ مثلا
ـ على من انقضى عنه الضرب حقيقة ، لما صدق قولنا : « زيد ليس بضارب الآن » مع أنّه
صادق بالاتّفاق.
والجواب : أنّ في [٦] « الآن » ليس ظرفا للنفي حتّى يكون المراد أنّه يصدق في [٧] الآن أنّه ليس بضارب مطلقا ؛ لأنّه عين النزاع ، بل هو ظرف للمنفيّ ، أعني
ضاربا ، كما هو المتبادر من هذا التركيب ، فيكون المراد أنّه يصدق أنّه ليس بضارب
بضرب موجود في الحال ، ولا ينافي ذلك قولنا : إنّه يصدق في الحال أنّه ضارب مطلقا.
واورد عليه : بأنّ
قولنا : « زيد ليس بضارب الآن » وقتيّة ، وهي مستلزمة للمطلقة العامّة بشرط اتّحاد
موضوعهما ، فيصدق قولنا : « زيد ليس بضارب في الجملة » ؛ لأنّ المطلقة أعمّ