بالقارورة باعتبار
استقرار الشيء فيها ، إلاّ أنّ اعتبار ذلك فيها ليس من حيث إنّه داخل في مفهومها ،
بل من حيث إنّه مرجّح لتعيّن هذا الاسم من بين سائر الأسماء.
وإذا عرفت هذا ،
تعلم أنّ تسمية كلّ شيء باسم المشتقّ المطّرد [١] باعتبار وجود
مبدأ الاشتقاق فيه تكون على سبيل الحقيقة ، وتسمية غير الزجاجة مثلا بالقارورة
باعتبار استقرار الشيء فيه ـ كالدنّ وأمثاله ـ تكون على سبيل المجاز.
ويظهر الفائدة في
الأحكام في الأيمان ، والتعليقات ، والأوقاف ، وأمثالها.
فصل [١٨]
إطلاق المشتقّ على
ذات باعتبار الحال ـ يعني عند اتّصافها بالمبدإ ، كالضارب لمباشر الضرب ـ حقيقة
وفاقا ، وباعتبار المستقبل ـ أي قبل اتصافها به ، كالميّت لمن لم يمت وسيموت ـ مجاز
قطعا ، وباعتبار الماضي ـ أي بعد وجوده وزواله عنه ، كالضارب لمن ضرب وزال عنه
الضرب ـ ففيه خلاف. فأصحابنا [٢] ، والمعتزلة [٣] ، وابن سينا [٤] على أنّه حقيقة. والأشاعرة [٥] على أنّه مجاز.
وذهب بعض [٦] إلى أنّه إن لم يمكن بقاؤه فحقيقة ، كالكلام ؛ فإنّ كلّ جزء منه أتى لا يمكن
أن يبقى في زمان ، ولا يقارن الماضي ولا المستقبل ، وإن أمكن ولم يبق فمجاز ،
كالضرب وأمثاله.