ـ كالصلاة والزكاة
والحجّ ـ إذا وقعت مطلقة في كلام المتشرّعة ، تحمل على المعاني الحادثة ، فتكون
حقائق عرفيّة خاصّة. إنّما الخلاف في أنّها إذا وقعت مجرّدة عن القرينة في كلام
الشارع ، فهل تحمل على المعاني الشرعيّة [١] حتّى تكون حقائق
شرعيّة ، أو على المعاني اللغويّة؟ وأدلّة الطرفين مدخولة.
ولكنّ الحقّ
وجودها ؛ لما نذكره ، وهو أنّه لا ريب في أنّ ألفاظ الصلاة والزكاة والحجّ ـ مثلا
ـ كانت في اللغة موضوعة لمعان غير المعاني المتداولة عند أهل الشرع. ولا ريب أيضا
في أنّ نقل الشارع هذه الألفاظ من معانيها اللغويّة إلى معانيها الشرعيّة غير
معلوم لأحد ؛ لعدم ما يدلّ عليه عقلا أو نقلا ، مع أنّ الأصل عدم النقل.
فالمتيقّن عندنا
أنّ الشارع استعمل هذه الألفاظ في المعاني الشرعيّة ، وهي صارت متبادرة عند
المتشرّعة بحيث لا يفهمون عند الإطلاق غيرها ، ولكنّهم لم يتصدّوا للنقل ، بل
التبادر عندهم ؛ لأجل أنّ الشارع استعملها فيها استعمالا لا ندري أنّه على سبيل
النقل أو المجاز ، ولكنّه كان استعمالا شائعا بحيث صار غالبا حتّى صارت المعاني
الشرعيّة متبادرة ، وهجر المعاني اللغويّة عند الإطلاق. فثبوت الحقيقة عند
المتشرّعة ليس إلاّ لأجل استعمال الشارع وغلبته بحيث حصل التبادر وعدم صحّة السلب
عندهم ، فكلّ زمان حصل فيه التبادر وعدم صحّة السلب ، حصل الحقيقة أيضا بالنسبة
إلى أهله ، سواء كان شارعا أو غيره ، بل حصوله بالنسبة إلى الشارع أولى ؛ لأنّ أصل
الاستعمال منه ، فينبغي التفحّص عن الزمان الذي حصل فيه التبادر وعدم صحّة السلب.
فنقول : غير خفيّ
أنّ العلامتين لم تحصلا في ابتداء الزمان الذي أطلق الشارع هذه الألفاظ على
المعاني الشرعيّة ؛ لأنّهما موقوفتان على غلبة الاستعمال ولم تحصل فيه ، ففيه لم
يحصل حقيقة مطلقا لا الشرعيّة ولا العرفيّة ، فهذه الألفاظ إذا صدرت من الشارع أو
من غيره في الزمان المذكور لا يمكن لنا حملها على المعاني الشرعيّة ؛ لعدم ثبوت الحقيقة
الشرعيّة فيه وإن كانت متبادرة عندنا الآن ؛ لأنّه لأجل الغلبة بعد الزمان
المذكور.
فظهر أنّ الألفاظ
المذكورة إذا صدرت في ابتداء عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يمكن لنا حملها على