ومنها : الاطّراد
وعدمه. فالأوّل علامة الحقيقة ، والثاني علامة المجاز.
والمراد من
الاطّراد أن يستعمل اللفظ في محلّ لوجود معنى ، ثمّ جوّز استعماله في كلّ محلّ وجد
فيه ذلك المعنى ؛ فإنّ هذا علامة لكون اللفظ المذكور حقيقة في هذه المحالّ ، وهذا
كاستعمال المشتقّات فيمن قامت [١] به. والظاهر أنّ الاطّراد لا يدلّ على الحقيقة كلّيا ؛
لأنّ المجاز قد يطّرد ، كالأسد للشجاع.
والمراد بعدم
الاطّراد أن يستعمل اللفظ المجازي في محلّ لوجود علاقة ، ثمّ لم يجوّز استعماله في
كلّ محلّ مع وجود تلك العلاقة ، كالنخلة تطلق على الإنسان لطوله ، ولا تطلق على
طويل آخر.
واورد عليه : بأنّ
« السخيّ » و « الفاضل » يطلقان على غير الله ؛ للجود والعلم ، ولا يطلقان على
الله مع وجودهما فيه تعالى ، وكذا القارورة تطلق على الزجاجة ؛ لاستقرار الشيء
فيها ، ولا تطلق على الدّنّ والكوز مع كونهما ممّا يستقرّ فيه الشيء ، فيلزم كونها
مجازات [٢].
والجواب : أنّ عدم
إطلاق « السخيّ » و « الفاضل » على الله تعالى لكون أسمائه تعالى توقيفيّة ، أو
أنّهما موضوعان لمن كان من شأنه البخل والجهل. والقارورة موضوعة لما يستقرّ فيه
الشيء بشرط كونه من الزجاج.
إذا عرفت هذا ،
تعلم أنّه يمكن إثبات كون اللفظ حقيقة أو مجازا من العلامات المذكورة.
ومنه يستنبط الأحكام
الشرعيّة ، كما نذكر في الفصل الآتي.
فصل [٩]
لا خلاف في وجود
الحقيقة العرفيّة واللغويّة. وأمّا الشرعيّة فقد اختلفوا في إثباتها ونفيها بعد
اتّفاقهم على ثبوت الحقيقة المتشرّعة [٣] ؛ فإنّه لا خلاف
في أنّ الألفاظ المخصوصة