والحقّ ، أنّه
العلّة إن كانت باعثة ؛ لأنّها مؤثّرة في الحكم ، والشرع أثبته لأجلها ، والنصّ إن
كانت معرّفة ؛ لأنّ معرّف حكم الأصل ليس إلاّ النصّ.
[
المسألة ] السادسة : يجب أن يستدلّ بوجود العلّة على الحكم ، بأن يقال : وجد القتل العمد
العدوان ، فيجب القصاص لا بعلّيّتها بأن يقال : علّيّته لوجوب القصاص ثابتة وقد
وجد ، فيجب القصاص ؛ لأنّها نسبة يتوقّف ثبوتها على وجود الحكم والعلّة ، فلو
توقّف الحكم عليها ، لزم الدور.
فصل [١٧]
لحكم الأصل أيضا
شرائط :
منها : أن يكون
ثابتا فيه ؛ لأنّ تشبيه الفرع به في ثبوته فرع ثبوته ، فالمنسوخ لا يعتبر. والنسخ
لمّا دلّ على زوال اعتبار الجامع رأسا ، فلا يجوز أن يثبت به الحكم أصلا وإن لم
يكن بالقياس على الحكم المنسوخ.
وفيه نظر ؛ لمنع
دلالة النسخ على زوال اعتبار الجامع في غير محلّه ، فلمن جوّز الاستنباط إثبات
الحكم فيه بأحد مسالكه ، ثمّ جعله أصلا ، وقياس غيره عليه إن شاء.
ومنها : أن يكون
مثبتا بدليل غير القياس على ما ذكره الأكثر [١] ، وخالف فيه
الحنابلة [٢].
ولا بدّ من تحرير
محلّ النزاع ، وهو بعد تمهيد مقدّمة ، وهي أنّه إذا قيس حكم على حكم آخر قيس هو
أيضا على آخر ينعقد قياسان : أحدهما لإثبات المطلوب ، وهو القياس الأوّل ، ولنسمّ
العلّة الثابتة فيه بالعلّة الاولى. والآخر لإثبات أصله وهو الثاني ، ولنسمّ
العلّة الثابتة فيه بالعلّة الثانية ، والأصل في الأوّل فرع في الثاني ، فنسمّيه
الأصل القريب ، ونسمّي الأصل في الثاني الأصل البعيد ، والفرع هو المطلوب.
وإذا عرفت ذلك ،
فنقول : إن ثبت حكم القريب في القياس الأوّل بالعلّة الثابتة فيه ابتداء
[١] منهم : الفخر
الرازي في المحصول ٥ : ٣٦٠ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢١٥ ،
والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٣٠٣ و ٣٠٤.
[٢] حكاه عنهم
الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢١٥.