تتميما لدليله لا
انتقالا إلى مطلوب آخر ، وإلاّ فلا ؛ لكونه انتقالا [١].
وقيل : إن كان له
طريق أولى في القدح ، فلا ، وإلاّ فنعم ؛ لأنّ الانتقال وغصب المنصب إنّما ينفيان
الاستحسان ، فإذا وجد الأحسن لا يرتكبهما ، وإلاّ فلا منع [٢].
والحقّ الأوّل ؛
لما ذكر. وما ذكر حجّة لباقي الأقوال لا يصلح لإثبات شيء.
وبهذا يظهر أنّ
المستدلّ لو كان قد دلّ على وجود العلّة في محلّ التعليل بدليل موجود في محلّ
النقض ، ونقض المعترض العلّة ، فمنع المستدلّ وجودها في محلّ النقض ، فقال المعترض
: ما دللت به على وجودها ثمّة دلّ عليه هنا ، فينتقض دليلك ؛ لوجوده في محلّ النقض
بدون مدلوله وهو وجود العلّة ، يسمع [٣] هذا من المعترض ؛
لأنّ النقض في دليل العلّة نقض في العلّة ، وهو مقصوده. وما اشتهر بين الجدليّين
من أنّه لا يسمع منه لأنّه انتقال من قدح العلّة إلى قدح دليلها [٤] ، غير صحيح ؛ لأنّ الانتقال إذا توقّف المطلوب عليه لا منع فيه.
مثاله : إذا قال :
من لم يبيّت صحّ صومه ؛ لأنّه أتى ما يسمّى صوما ، ودلّ على وجود الصوم بأنّه
الإمساك مع النيّة وهو موجود. فانتقض المعترض بما لو نوى بعد الزوال. فقال
المستدلّ : إنّه ليس بصوم. فقال المعترض : ما دللت به على وجود الصوم في محلّ
التعليل ـ وهو ثبوت الإمساك مع النيّة في جزء من النهار ـ موجود في مادّة النقض.
والخلاف إنّما إذا ادّعى انتقاض دليل العلّة بعينه. أمّا لو قال : يلزم إمّا
انتقاض العلّة أو دليلها ، وعلى التقديرين لا يثبت العلّيّة ، لسمع وفاقا ؛ لعدم
الانتقال حينئذ.
تذنيب
قد يمكن للمستدلّ
أن يذكر في استدلاله قيدا يخرج به محلّ النقض ، وهو قد يكون ظاهرا ، كما إذا قال :
الوضوء طهارة عن حدث ، فيفتقر إلى النيّة كالتيمّم ، فلا يرد النقض بإزالة
النجاسة.
[١] حكاه الآمدي في
الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٣.
[٢] حكاه الفخر
الرازي في المحصول ٥ : ٢٣٧ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٣ و ٩٤.