واحتجّ المانع في
الإثبات دون النفي : بأنّ النفي يفيد العموم ، فيتعدّد ، بخلاف الإثبات [١].
وجوابه : أنّ
المثبت أيضا يمكن أن يتعدّد مدلوله كما بيّنّاه [٢] ، ولو لا ذلك لم يمكن التعدّد في النفي أيضا.
واحتجّ القائل
بأنّه ظاهر في الجميع عند التجرّد عن القرينة : بظواهر بعض الآيات ، كقوله تعالى :
( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ )[٣] إلى آخره ، وقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ )[٤] إلى آخره.
والجواب : أنّ
الصلاة في الجميع بمعنى واحد وهو التعظيم ، وكذا السجود ، وهو غاية الخضوع.
وحقيقة الجواب :
أنّ القرينة في الآيتين موجودة ، فليستا ممّا نحن فيه.
إذا عرفت الحقّ في
هذه القاعدة تعلم أنّ كلّ لفظ مشترك ـ مفردا كان أو غيره ـ إذا وقع في كلام الشارع
أو غيره ، فإن دلّت القرينة على المراد ، يحمل عليه وإن كان جميع معانيه ، ومع فقد
القرينة يلزم التوقّف.
اللهمّ [٥] إلاّ إذا وقع في كلام الشارع ، فيمكن الحمل على جميع معانيه ، بناء على ما
أشرنا إليه [٦] ، ولذا حمل « الخير » في قوله تعالى : (
فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً )[٧] على معنييه معا ، أعني المال والعمل الصالح ، أي الأمانة
والديانة.
وإذا أوصى رجل
شيئا لمواليه وكان له موال من أعلى وموال من أسفل ، فمع وجود القرينة يعمل بها ،
ومع فقدها يجب التوقّف.