ومن طرق الاستنباط
ـ كما تقدّم [١] ـ السبر [٢] والتقسيم ، وهو ـ كما عرفت [٣] ـ حصر الأوصاف الصالحة للعلّيّة في الأصل ، وسلب العلّيّة عن كلّ واحد إلاّ
المدّعى ، والحصر [٤] راجع إلى التقسيم وهو ظاهر ، والسلب إلى السبر ؛ لأنّه في
الأصل اعتبار عمق الجراحة ، والمسبار حديدة معدّة لذلك. والمراد منه هاهنا اعتبار
كلّ وصف من الأوصاف المعدودة ، وإبطال علّيّتها حتّى ينتهي إلى المدّعى.
والسبر إمّا يقع
على التقسيم الحاصر أو المنتشر.
والأوّل ما يقطع
فيه بانحصار الأقسام في المعدودة وإبطال ما عدا المدّعى ، وهو يفيد العلم. وقد
عوّل عليه في معرفة العلل العقليّة ، كما يقال : هذا الأمر إمّا معلّل أو لا ، فإن
كان معلّلا فإمّا بهذا الشيء أو بغيره ، فإذا ابطل الثاني [٥] وأحد شقّي الأوّل يتعيّن شقّه الآخر للعلّيّة. وقد يوجد مثله فى الأحكام
الشرعيّة ويعوّل عليه ، كما يقال : ولاية الإجبار إمّا أن لا تعلّل ، أو تعلّل
بالبكارة أو الصغر أو غيرهما ، والكلّ باطل سوى الثاني ، فالأوّل والرابع للإجماع
، والثالث لقوله عليهالسلام : « الثيّب أحقّ بنفسها » [٦].
والثاني ما لا
يقطع فيه بالانحصار ، بل يدّعى الانحصار فيه بالاستقراء ، ومثاله ما تقدّم من قياس
الأرز على البرّ في الربويّة.
والحقّ ، أنّه ليس
بحجّة وفاقا للأكثر [٧] ؛ لجواز الاستغناء عن العلّة ؛ فإنّه لو كان كلّ حكم
معلّلا لزم التسلسل في علّيّة العلّة. ومنع [٨] الحصر ؛ لجواز
كون العلّة غير الأوصاف المعدودة ،