غير منضبطة ؛
لكونها ذوات مراتب تختلف بالأزمان والأشخاص فانيط الحكم على لازمها المنضبط وهو
السفر [١].
ومنها : أنّه ما
يفضي إلى موافقة الغرض تحصيلا أو إبقاء. ويعبّر عن التحصيل بجلب النفع ، وعن
الإبقاء بدفع الضرر [٢].
ومنها : أنّه ما
لو عرض على العقول تلقّته بالقبول [٣] ، ولا يمكن إثبات
مثله في المناظرة ؛ إذ للخصم أن يقول : لا يتلقّاه عقلي بالقبول ، وليس لغيره
حينئذ إليه سبيل.
وهذه التعريفات
الثلاثة متقاربة ، وهي لمن قال بتعليل الأحكام بالمصالح.
ومنها : أنّه
الملائم لأفعال العقلاء في العادات [٤] ، كما يقال :
الجمع بين هذا الثوب وهذه العمامة ملائم ، وهو لمن ينفي تعليلها بها.
فصل [١١]
للمناسب تقسيمات
باعتبارات عند القائسين ، ونحن نشير إليها أوّلا ثمّ نثبت أنّ مطلق المناسبة لا
يقتضي العلّيّة :
فمنها : تقسيمه
باعتبار ثبوت المناسبة في الواقع وعدمه. وبهذا الاعتبار إمّا حقيقيّ وهو ما علم
مناسبته من غير ظهور خلاف ، ومثاله ظاهر.
أو إقناعيّ وهو ما
يظهر مناسبته ، ثمّ يظهر الخلاف عند البحث ، كتعليل الشافعيّة تحريم بيع الخمر
والميتة والعذرة بالنجاسة ، وقياس الكلب عليها [٥].
ووجه المناسبة أنّ
كونها نجسة يناسب إذلالها ، ومقابلتها بالمال في البيع إعزاز لها ، والجمع بينهما
باطل. وجليل النظر وإن أثبت هذه المناسبة إلاّ أنّ دقيقه ينفيها ؛ لأنّ معنى
[١] ليس السفر لازما
للمشقّة بل الأمر بالعكس. وما قاله في ص ٤٧٧ من أنّ المشقّة اللازمة للمسافر ، هو
الصحيح.
[٣] حكاه الفخر
الرازي في المحصول ٥ : ١٥٨ عن أبي زيد الدبوسي ، والآمدي في الإحكام في أصول
الأحكام ٣ : ٢٩٤.
[٤] حكاه الفخر
الرازي في المحصول ٥ : ١٥٨ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٩٦ ،
والعلاّمة في مبادئ الوصول : ٢١٩ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٧٩.
[٥] راجع : الإفصاح
عن معاني الصحاح ١ : ٢٧١ ، والمهذّب في فقه الشافعي ١ : ٣٤٧ ، وبداية المجتهد ٢ :
١٢٦ و ١٢٧.