فجوّزه بعض مطلقا [١]. ومنعه بعض آخر كذلك [٢]. وذهب بعض إلى المنع في المفرد والجواز في التثنية والجمع [٣]. وبعض آخر إلى الجواز في النفي دون الإثبات [٤].
ثمّ المانعون
اتّفقوا على أنّه عند عدم القرينة لا يحمل على شيء من معانيه ، بل يجب التوقّف
حينئذ ؛ لكونه مجملا.
والمجوّزون بين
قائل بأنّه إذا عدم القرينة يجب التوقّف ، وعند وجودها يحمل على ما يدلّ عليه
القرينة ، لكن إن دلّت القرينة على واحد يكون الاستعمال فيه حقيقة ، وإن دلّت على
متعدّد يكون الاستعمال فيه مجازا.
وقائل بأن المشترك
عند عدم القرينة ظاهر في جميع معانيه ، فيجب الحمل عليه.
وقائل بأنّه عند
عدم القرينة مجمل يجب فيه التوقّف ، وعند القرينة يحمل على ما يقتضيه القرينة ،
ويكون الاستعمال حقيقة وإن كان ما يدلّ عليه القرينة متعدّدا [٥].
وهذا هو الحقّ ،
وتنقيحه موقوف على بيان امور :
[
الأمر ] الأوّل : إنّما الخلاف في
استعمال المشترك في المعاني التي كان الجمع بينها ممكنا ، كالقرء في قولنا : «
القرء من صفات النساء ». وأمّا إذا لم يمكن الجمع بينها ، كاستعمال الأمر في
الوجوب والتهديد [٦] ، فلا خلاف في عدم الجواز.
[
الأمر ] الثاني : لا شبهة في أنّ اللفظ المشترك موضوع لكلّ واحد من معانيه على سبيل لا بشرط
شيء ، أي لا بشرط الانفراد ولا الاجتماع. فما وضع له اللفظ واستعمل فيه ، هو كلّ
واحد من المعاني بدون الشرطين على ما هو شأن الماهيّة المطلقة التي تتحقّق حالة
[١] قاله السيّد
المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٧ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٨ ،
ونسبه الأسنوي إلى الشافعي في التمهيد : ١٧٦.