العدم ، فيجتمع
النقيضان في الحكم المشكوك فيه وهو باطل.
فالحقّ ، كما قال
بعض المحقّقين : إنّ هذا يجري فيما علم أنّه لو كان هناك دليل ، لظفر به فيما يعمّ
به البلوى [١] ؛ لأنّه يمتنع عادة ثبوت حكم لقضيّة [٢] ترد على الناس في أكثر الأوقات ولم ينقل إليهم مع توفّر الدواعي على نقل
مثله. مثاله : عدم الدليل على نقض الوضوء بالمذي دليل على عدمه ؛ لأنّه ممّا يعمّ
به البلوى ؛ لحصوله لأكثر الناس في أكثر الأوقات ، فلو ثبت لعلم من الشرع كما علم
نقض الوضوء بالبول ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
تذنيب
النافي للحكم إذا
قال : لا أدري ، فلا دليل عليه وفاقا ؛ لأنّ قوله لا يعدّ مذهبا. وإن نفاه على
البتّ ، فقيل : لا دليل عليه أيضا ؛ لأنّ النفي عدم وهو لا يفتقر إلى الدلالة [٣].
وضعفه ظاهر ؛ لأنّ
الجازم بالنفي يدّعي العلم به ، وهو إمّا أن يستند إلى الضرورة أو النظر. والأوّل
باطل ؛ فتعيّن الثاني ، فالمحتاج إلى الدليل هو الجزم بالنفي ، ولو لم يفتقر إليه
، لزم التفصّي عنه في كلّ دعوى ؛ لإمكان إرجاعه إلى النفي وهو باطل.
ويمكن أن يقال :
إنّ مراد القائل أنّه لمّا كان المتيقّن هو العدم للاستصحاب أو لأصل البراءة حتّى
يعلم خلافه ، فالمدّعي له لا يخلو قوله عن دليل ، ولا يفتقر إلى دليل آخر. وهو لا
يلائم حكمه بعدم افتقاره إلى الدليل أصلا.
فصل [٦]
ومن النوع الثاني
: استصحاب حال الشرع ، وهو إبقاء حكم ثبت على ما كان. وتنقيحه يتوقّف على بيان
امور :
[
الأمر ] الأوّل : الاستصحاب إمّا أن يكون في نفس الحكم الشرعي ، بأن يحكم بعدم