وعلى المذهب الحقّ
تصير المسألة خلافيّة ، بناء على أنّ المناط هل الاصطلاح اللغوي السابق ، أو
الاصطلاح الحادث؟
والحقّ : أنّه إن
اعتبر اللفظ والقصد معا في العقود يكون العقد باطلا ، وإن لم يعتبر القصد فالمناط
الاصطلاح السابق ، ولا يقاومه الاصطلاح الطارئ ، فيلزم الألف.
وكذا الحال في كلّ
عقد اصطلاح المتبايعان أو أحدهما على تسمية العوضين أو أحدهما بغير اسمه المعروف ،
بل يمكن التأتّي في غير العقود أيضا. وكيفيّة التفريع في الجميع على ما ذكرنا.
فصل [٤]
اعلم أنّ طريق
معرفة اللغات إمّا النقل المحض وهو إمّا متواتر ، أو آحاد ومثالهما ظاهر.
وإمّا المركّب من
النقل والعقل ، كما إذا حصل لنا مقدّمتان نقليّتان ، أو إحداهما نقليّة والاخرى
عقليّة ، فرتّبهما العقل وحصّل منهما نتيجة دالّة على وضع لفظ لمعنى. مثلا ثبت
بالنقل أنّ الجمع المعرّف باللام يصحّ منه الاستثناء ، وثبت أيضا أنّ الاستثناء
إخراج أمر لو لا الاستثناء لدخل هذا الأمر في المستثنى منه ، فيعلم منه أنّ الجمع
المعرّف شامل له ولغيره ، وهو معنى الاستغراق ؛ فيثبت من هذا أنّ الجمع المعرّف
باللام موضوع للاستغراق. وطريق الإثبات من النقل والعقل.
وذهب بعض العامّة
إلى جواز إثبات اللغات بالقياس [١] بأن يسمّى شيء باسم إلحاقا له بشيء مسمّى بذلك الاسم لمعنى
يدور معه وجودا وعدما بسبب وجود هذا المعنى في الشيء الأوّل ، كما قالوا : تسمية
ماء العنب بالخمر دائرة مع التخمير ، فقبله لا يسمّى خمرا ومعه يسمّى خمرا ، فيعلم
منه أنّ علّة التسمية بالخمر وجود التخمير ، فكلّ شيء وجد فيه التخمير يسمّى خمرا
، كالنبيذ وغيره من المسكرات. وكذا تسمية النبّاش بالسارق ؛ للأخذ بالخفية ،
واللائط بالزاني ؛ للإيلاج المحرّم.
[١] قاله الفخر
الرازي ونسبه أيضا إلى ابن سريج وغيره في المحصول ٥ : ٣٣٩.