مركّبة ؛ لأنّها
توقيفيّة ، ويعلم نفي ما شكّ في جزئيّته من النصّ الذي بيّن فيه أجزاؤها إذا لم
يذكر فيه ، لا من الأصل [١].
وهو ظاهر الفساد ؛
لأنّ النصّ الذي لم يذكر فيه جزء نفيا ولا إثباتا ، كيف يدلّ على نفيه إذا شكّ في
جزئيّته لإجمال دلالته عليه ، أو لأمر آخر بدون ضميمة الأصل؟!
ولو صحّ ذلك ،
لتأتّى في غير العبادات أيضا إذا ورد في بيانه نصّ ، وكون العبادة توقيفيّة دون
غيرها لا مدخليّة له في هذا الفرق ، مع أنّه غير ممكن ؛ فإنّ شروط العبادات
والمعاملات وغيرهما تتوقّف على بيان الشارع ، فالحقّ عدم الفرق ، كما ذهب إليه
المعظم [٢] ؛ لعموم الأدلّة ، وعدم نهوض ما ذكره فارقا.
فصل [٢]
ومن النوع الأوّل
أيضا : استصحاب حال العقل ، وهو إبقاء الحالة السابقة ـ أي
العدم الأزلي لكلّ شيء ، سواء كان تكليفا أو غيره ـ إلى أن يثبت المزيل.
والفرق بينه وبين
أصل البراءة أنّه يلاحظ فيه العدم السابق ويجري إلى اللاحق ، وفي أصل البراءة يحكم
بانتفاء الحكم في الحال ، سواء وجد في السابق أم لا ، ولا يلتفت فيه إلى السابق
أصلا. وعدم الفرق بينهما ـ كما قيل [٣] ـ ضعيف.
ووجه حجّيّته
استفاضة الأخبار بأنّ اليقين لا يزول بالشكّ [٤] ، وأنّ التكليف
بالشيء من غير الإعلام به محال. وهذا إنّما ينتهض دليلا لأصالة نفي الحكم الشرعي
وموضوعه ومتعلّقه كالنقل ، دون غيرها ممّا لا مدخليّة له بالحكم الشرعي أصلا ،
كحدوث واقعة كذا في بلدة كذا ، فلا يمكن نفيها بالاستصحاب ؛ لعدم دليل على أصالة
مثله. وعدم مقاومة الشكّ لليقين إنّما يثبت شرعا في الأحكام الشرعيّة ، ولا يدلّ
عليه العقل في غيرها ؛ لأنّه إذا شكّ في وجود الشيء في زمان يقع الشكّ في عدمه فيه
أيضا ، فلا يصحّ الحكم بتحقّقه.