إذا استدلّ أهل
العصر بدليل أو أوّلوا تأويلا ، فالأكثر على أنّه يجوز لمن بعدهم إحداث دليل أو
تأويل آخر. وهو حقّ ؛ لأنّه لم يزل العلماء في الأعصار يستخرجون الأدلّة
والتأويلات من غير نكير [١].
نعم ، إن كان
التأويل الثاني مبطلا للأوّل ، فالظاهر عدم جوازه ؛ للزوم مخالفة الإجماع ، فلو
أوّل [٢] الأوّلون المشترك بأحد معنييه لم يجز لمن بعدهم حمله على
المعنى الآخر إن تنافيا ، وإن لم يتنافيا ، فإن جوّز استعمال المشترك في إطلاق
واحد في معنييه حقيقة ـ بأن يكون من عموم الاشتراك ـ أو حقيقة ومجازا ـ بأن يكون
من عموم المجاز ـ فجاز ، وإلاّ لم يجز.
فصل [١١]
اتّفق أصحابنا [٣] ـ إلاّ من شذّ [٤] ـ على أنّ الإجماع السكوتيّ ـ وهو قول البعض وسكوت الباقين
مع معرفتهم به ـ ليس إجماعا ولا حجّة ؛ لأنّ السكوت أعمّ من الرضاء ، ويمكن أن
يكون للتوقّف ، أو التعظيم ، أو للتقيّة ، أو التصويب ، أو غيرها.
ولذا قيل : لا
ينسب إلى ساكت قول [٥]. وربّما أفاد [٦] ظنّا لا يصلح
مثله لتأسيس الحكم الشرعي. وقد يعلم بالقرائن موافقة الساكتين للمصرّحين ، وحينئذ
كان [٧] حجّة وإجماعا ؛ لأنّ العبرة بالرأي دون القول ، وهو نادر.
وعلى الطريق
الثاني [٨] في الإجماع : ربّما علم بقول البعض ـ وإن سكت الباقون ـ دخول
[١] للمزيد راجع :
العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٣٩ ، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١ : ٣٣٤.