اتّفق الناس ـ إلاّ
من شذّ [١] ـ على أنّه لا إجماع إلاّ عن مستند ، وهو بديهيّ الصحّة
عند الفريقين.
أمّا عندنا ،
فظاهر. وأمّا عندهم ؛ فلأنّه يمتنع عادة اجتماع الجمّ الغفير على أمر من دون داع ،
كالاجتماع على أكل طعام واحد ؛ ولأنّ بيان الحكم الشرعي من دون مستند خطأ ، فلو
اجمع عليه من دونه لزم الإجماع على الخطأ.
وفيه نظر لا يخفى.
ثمّ الحقّ ، أنّ
كلّ ما علم حجّيّته وصلاحيّته لتأسيس الحكم الشرعي ، يصحّ أن يكون مستندا له ،
سواء كان قطعيّا أو ظنّيّا.
وما قيل : إنّه
لمّا كان دخول قول المعصوم شرطا في الإجماع عند الإماميّة وهو لا يقول إلاّ عن
دليل قطعيّ ، فإجماعهم لا يصدر عن مستند ظنّيّ وإن كان أقوال من عداه عليهالسلام من المجمعين مستندة إلى الحجّة الظنّيّة ، كخبر الواحد ومثله [٢] ، منظور فيه ؛ لأنّ قوله وإن لم يكن إلاّ عن قاطع ، إلاّ أنّه لا يصحّح كون
إجماعهم مطلقا عن مستند قطعي ؛ لأنّ هذا يتوقّف على قطعيّة الطريق إلى قوله ، وإن
كان الطريق إليه ظنّيّا لا يصدق عليه أنّه وقع عن قاطع.
هذا ، واحتجّ من
لم يشترط المستند فيه بأنّه لو كان عنه ، لاستغني به عنه ، فلم يكن للإجماع فائدة [٣].
والجواب : فائدته
سقوط البحث ، وحرمة المخالفة ، والتقوية والتأييد ، كما سبق [٤].
ثمّ العامّة على
أنّ كلّ إجماع قطعيّ ؛ نظرا إلى الأدلّة وإن كان مستنده ظنّيّا [٥]. وأصحابنا على أنّ ما علم دخول قوله عليهالسلام فيه يكون قطعيّا ، وإن ظنّ دخوله فيه يكون ظنّيّا [٦] ، كما تقدّم [٧].
[١] هو أبو عبد الله
البصري كما في المحصول ٤ : ١٩٣ ، وتهذيب الوصول : ٢١٢.
[٢] قاله الآمدي في
الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٢٦.