بالإيجاب الكلّي
أو السلب الكلّي ، أو الإيجاب والسلب الجزئيّين. فإن اختلف أهل العصر على
الاحتمالين الأوّلين بأن يقول بعضهم بالإيجاب الكلّي والباقون بالسلب الكلّي يجوز
إحداث القول بالتفصيل ، لأنّ القائل به وافق في كلّ قسم منه مذهبا. وإن اختلفوا
على غيرهما بأن يقول بعضهم بالإيجاب الكلّي أو السلب الكلّي ، والباقون بالتفصيل ؛
أو يقول بعضهم بتفصيل خاصّ والباقون بتفصيل آخر ، فلا يجوز إحداث قول ثالث ؛ لأنّه
يرفع حكما مجمعا عليه.
وغير خفيّ أنّ
القول بالتفصيل [١] في صورة اختلاف الامّة على الاحتمالين الأوّلين يرفع
المجمع عليه ؛ لأنّ كلاّ من الإيجاب والسلب الكلّيين في قوّة المنع عن نقيضه ، أي
السلب والإيجاب الجزئيّين ؛ ضرورة أنّ من يقطع بثبوت شيء يقطع ببطلان نقيضه ،
فالموجب للفسخ بالعيوب الخمسة يمنع عدم الفسخ ببعضها ، والقائل بعدم الفسخ بها
يمنع الفسخ ببعضها ، فاتّفق الكلّ على بطلان القول بالتفصيل ، أي الإيجاب في البعض
والسلب في البعض.
وبهذا ظهر ضعف ما
قيل : إنّ المفصّل خالف الموجب في قوله بالإيجاب الكلّي ، والنافي في قوله له
بالسلب الكلّي ، وكلّ منهما خالف الآخر في قوله ، فهو لم يخالف المجمع عليه [٢]. وإنّ القول بالتفصيل ليس حكما واحدا مخالفا لما اتّفق عليه الكلّ ، بل في
الحقيقة حكمان مختلفان خالف القائل به في كلّ منهما جماعة. وإنّ عدم القول
بالتفصيل ليس قولا بعدمه ، وإنّما يمتنع القول بما قالوا بنفيه لا بما لم يقولوا
بثبوته.
لما عرفت أنّ نفي
التفصيل حكم واحد مجمع عليه بين الكلّ ، كيف لا؟ وكلّيّة الحكم ـ سواء كان إيجابا
أو سلبا ـ كانت ممّا اتّفق عليه الكلّ وهي مسألة واحدة ، والقول بالتفصيل يخالفها
؛ والقياس على مسألتي الذمّيّ والغائب باطل ؛ لأنّ عدم جواز إحداث القول الثالث
مخصوص بقولين تعلّقا بمسألة واحدة حقيقة ، كمسألة البكر ، أو حكما كمسألة الفسخ
بالعيوب الخمسة ؛ لتحقّق قدر مشترك بينهما حينئذ ، وكونه مسألة واحدة ،