اعلم أنّ المبادئ
على قسمين : تصوّريّة ، وتصديقيّة.
والاولى : تصوّر
أشياء يتوقّف الشروع مع البصيرة عليه ، فالمبادئ التصوّريّة لعلم الاصول حدّه ،
وحدّ موضوعه وأجزائه وجزئيّاته وأعراضه الذاتيّة ، وتصوّر غايته ومرتبته. وقد
أشرنا إلى بعضها [١] ، وسنشير إلى بواقيها في مواضع تليق بها.
ومن جملة المبادئ
التصوّريّة لهذا العلم تصوّر الأحكام الخمسة مع ما يتعلّق بها ؛ لأنّ الناظر فيه
ينظر في أدلّتها ، ومقصوده إثباتها ونفيها ، فلا بدّ أن يكون متصوّرا لها. وهذا ما
يعبّر عنه بـ « المبادئ الأحكاميّة ». ونذكرها في الباب الآتي [٢] إن شاء الله.
والثانية :
مقدّمات يتوقّف الاستدلال في هذا العلم عليها. وهي قد تكون بديهيّة ، وقد تكون
نظريّة مثبتة في علم آخر. فالمبادئ التصديقيّة لهذا العلم طائفة من مسائل : الكلام
، والعربيّة ، والمنطق. ووجه توقّفه عليها ظاهر.
وقد جرت عادة
القوم بذكر بعض مسائل اللغة هنا ؛ لشدّة الاحتياج في هذا العلم إليها ،
[١] مرّ تعريفه في
الفصل الأوّل ص ٢٩ ، وتعريف موضوعه وما يرتبط به في الفصل الثاني ص ٣٤ ، وبيان
مرتبته وفائدته ومعرفته في الفصل الثالث ص ٣٥.