الحقّ إمكان العلم
بالإجماع ، بل وقوعه [١] وثبوته في الجملة [٢] ؛ فإنّا نعلم
قطعا اتّفاق الامّة على بعض الأحكام ، كوجوب الصلاة ومثلها ، واتّفاق الإماميّة
على بعضها كحلّيّة المتعتين وشبهها [٣] ، واتّفاق
الحنفيّة على انعقاد البيع الفاسد [٤] ، والشافعيّة على
عدمه [٥]. وما ذلك إلاّ لحصوله وثبوته عنهم.
وحصول هذا العلم
إمّا بالتسامع وتطابق الأخبار عليه ، سواء كان الطريق متواترا أو آحادا. أو تتبّع
أقوال خواصّ الامّة أو المذهب ، وربّما حصل من مشاهدة أعيان المجمعين وسماع
أقوالهم إن اكتفي بالقول ، ومع القرائن الدالّة على مطابقة آرائهم لأقوالهم إن
اشترط الرأي [٦] ، وهذا يمكن في أزمنة أصحاب الحجج فقط ، ولا يتناول غيرها.
ثمّ كلّ إجماع ليس
ممّا يعلم ثبوته ، بل له مراتب مختلفة ؛ لأنّه إمّا قطعي أو ظنّي.
والأوّل إمّا
بديهيّ للخواصّ والعوامّ من الامّة أو المذهب ، أو لخواصّ أحدهما ، كالاتّفاق على
مسح الرّجلين [٧] ؛ فإنّ ثبوته بديهيّ عند خواصّ الإماميّة [٨] وإن لم يكن كذلك عند عوامّهم.
أو نظريّ ، وهو أن
يحصل للمجتهد العلم به [٩] بعد بذل جهده واستفراغ وسعه : إمّا بأن لا يظفر على مخالف
وادّعاه عدد التواتر أيضا ، وله اتّصال بالبديهيّ.
والقول بأنّه لا
يثبت بالتواتر إلاّ ما كان محسوسا ، والإجماع تطابق آراء المجتهدين
[١] عطف على « إمكان
» والضمير راجع إلى العلم دون الإجماع.