ولا ريب في أنّه
في الشرعيّات ليس إلاّ قول الشارع ؛ ودليل العقل إن أمكن أن يكون مستندا له فإنّما
هو إذا علم أنّه ممّا لا يتخلّف الشارع عن مدلوله.
هذا ، وقد أورد
بعض الشكوك على حجّيّة الإجماع ترد عليك مع جوابها في موضعها [١].
فصل [٣]
لا ريب في إمكان
وقوعه ؛ لإمكان اطّلاع كلّ مجتهد على دليل حكم فيعتقده ، ويتّفق الآراء على ذلك
فينعقد الإجماع ؛ وأيضا يأتي بيان إمكان العلم به [٢] ، بل وقوعه [٣] ، والوقوع العقلي [٤] يستلزم الوقوع
الإمكاني.
واحتجّ المنكر
بأنّ الاتّفاق لا بدّ له من مستند ، والظنّي لا يصلح مستندا له ؛ لأنّ العادة تحيل
اتّفاق الأنظار المتباينة على أمر لأجله ، فتعيّن القاطع ، والعادة تحيل عدم نقله
واشتهاره ، فإن لم ينقل علم عدمه ، وإن نقل استغني به عن الإجماع [٥].
أمّا عن الظنّي ،
فلأنّ العمل به لازم على كلّ مجتهد إذا لم يوجد معارض أقوى منه ، سيّما إذا كان
جليّا ، وإلاّ لزم ترجيح المرجوح. وبعد لزومه عليه لا بدّ من اتّفاق الآراء عليه ،
وإنّما يمتنع اتّفاق القرائح المختلفة فيما لم يوجد له دليل يتعيّن العمل به.
وأمّا عن القطعي
فظاهر. وعدم نقله لا يدلّ على عدمه ؛ لأنّه لمّا وجد ما هو أقوى منه استغني به عن
نقله. ونقله لا يغني عن الإجماع ، ولا يجعله غير مفيد ؛ لأنّ تكثير الأدلّة فائدة
يعتنى بها ، مع أنّ للعلم مراتب ، فربّما كان العلم الحاصل من الإجماع أقوى من
الحاصل من دليله.