هذا ؛ وأمّا تعريف
أصول الفقه بالاعتبار الثاني أي العلميّة : فالعلم بالقواعد التي يتوصّل بها إلى
استنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة.
الفصل الثاني : في موضوعه
اعلم أنّ موضوع
كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، أو عن العوارض الذاتيّة لنوعه ، أو
لعوارضه الذاتيّة.
وبالترديدين يندفع
ما أورد على القوم ـ حيث سامحوا ، وخصّصوا البحث عن عوارضه الذاتيّة فقط ـ بأنّه
يجب على هذا أن يكون جميع موضوعات المسائل موضوع العلم ، وليس كذلك ؛ فإنّ أكثر
موضوعاتها إمّا أنواعه ، أو أعراضه الذاتيّة.
ووجه الاندفاع أنّ
هذا مسامحة منهم ، ومقصودهم ما ذكرناه ، ولذا صرّح به بعض القدماء كالشيخ الرئيس [١] وغيره.
والعرض الذاتي :
ما يلحق الشيء لذاته ، كالتعجّب للناطق.
أو لجزئه المساوي
، كالتعجّب للإنسان.
أو لجزئه الأعمّ ـ
على رأي المتأخّرين [٢] ـ كالتحرّك بالإرادة للإنسان. وهذا القسم لم يعدّه القدماء
من الأعراض الذاتيّة ، بل الغريبة. وتصفّح مسائل العلوم يؤيّد قول المتأخّرين ، مثلا
أهل الهيئة يبحثون عن الحركة مع أنّ عروضها للفلك بواسطة الجسم الذي هو جزؤه
الأعمّ.
أو لعرض يساوي
ذاته ، كالضحك للإنسان.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة الشرعيّة ؛ لأنّه يبحث فيه :
إمّا عن العوارض
الذاتيّة لأنفسها ، كما يقال : الكتاب حجّة ، أو السنّة حجّة ، أو الإجماع حجّة.
[١] راجع الشفاء (
المنطق ، كتاب البرهان ، المقالة الثانية من الفنّ الخامس ، الفصل الثاني في
المحمولات الذاتيّة ) ، ٣ : ١٢٥ وما بعدها.