ولم يوجد مانع من
غير جهته ـ قبل وبعد ـ كانت الرواية صحيحة. وهذا لا يوجب تصحيح الحديث مع الإرسال.
ولا يخفى أنّ
المعنى الأوّل أظهر من هذه العبارة ، إلاّ أنّ الثاني لمّا كان محتملا ، لا يمكن
الحكم بصحّة مراسيلهم وما في معناها.
فصل [٢٣]
راوي الحديث لا
بدّ له من مستند يصحّ لأجله الرواية. فإن روى عن المعصوم نفسه ، فمستنده السماع
بأن يقول : « سمعته » أو « حدّثني » أو « أخبرني » ، ونحوه ، وحينئذ يجب قبوله
وفاقا.
وإن قال : « سمعته
أمر بكذا » أو « نهى عن كذا » فيجب قبوله أيضا عند الأكثر ؛ لأنّه ظاهر في سماع ما
هو الأمر في نفس الأمر.
والقول : بأنّه
يحتمل أن يكون استمع [١] صيغة فاعتقد أنّها أمر أو نهي مع عدم اعتقاد غيره ذلك ،
كما إذا كان معتقدا بأنّ الأمر يدلّ على النهي عن ضدّه مطلقا ، أو بالعكس ، فربما
سمع من المعصوم صيغة فأخبر بأنّه أمر أو نهى مع أنّ الأكثر لا يراه أمرا ونهيا ،
فهو بالإطلاق ليس بحجّة [٢] ، ضعيف ؛ لأنّه خلاف الظاهر لا يصار إليه إلاّ بدليل.
وإن قال : « قال
المعصوم كذا » ، فالحقّ أن يحمل على أنّه سمعه منه بلا واسطة ، فيكون حجّة ،
وإمكان حمله على أنّه سمعه منه بواسطة ـ كما قيل [٣] ـ خلاف الظاهر.
وإذا قال : « امرنا
بكذا » أو « نهينا عن كذا » أو « اوجب كذا » أو « حرّم كذا » أو « ابيح كذا » ـ وبالجملة
، بيّن الأحكام بصيغة ما لم يسمّ فاعله ـ فالحقّ كونه حجّة ؛ لأنّ الظاهر أنّ
المعصوم هو الآمر ، والناهي ، والموجب ، والمحرّم ، والمبيح. واحتمال كونه غيره
بعيد.