لهم عن أسباب
الجرح والتعديل ؛ لأنّ قولهم ـ لإطلاقه ـ لا يعلم منه أسبابهما.
والثاني أيضا لا
يجري في أمثال فحول علماء الرجال ؛ لأنّهم عالمون بالخلاف في الأسباب ، وعارفون
بحقيقة الحال ، بل هو يجري في حقّ العامّي ، فيجب أن يكون مرادهم من العدالة في
مقام الإطلاق ما يثبت الوثاقة ، ولزوم العمل بقول صاحبها باعتقادهم على جميع
التقادير والمذاهب ، ويتوقّاه عمّا يوجب الاختلال في المقال البتّة ، ومن الجرح ما
يقابلها.
وإذا عرفت هذين
الأمرين ، تعرف فساد المذاهب المذكورة جميعا ؛ ووجهه ظاهر ، وتعلم أنّ الحقّ في
هذه المسألة أنّه يكفي الإطلاق من الثقة العالم إذا علم اتّفاقه مع من يريد العمل
بقوله فيما يتحقّق به العدالة و
الجرح ، أو كان في
مقام الشهادة لجماعة كثيرة مكلّفين بعقولهم في معرفة أسباب الجرح والتعديل ، وعلم
اختلاف أسبابهما ومع ذلك اعتقد حجّيّة قوله لهم ، كما هو شأن علماء الرجال ، وبدون
ذلك لا يكفي الإطلاق ، بل لا بدّ من بيان السبب.
ومن الأمر الثاني
يندفع إشكال مشهور ، وهو أنّ اعتماد الناس في أمثال زماننا في الجرح والتعديل
إنّما هو على أقوال علماء الرجال كالشيخ ، والنجاشي ، والكشّي ، وابن الغضائري ،
ولا نعلم مذهبهم في العدالة ، وقلّما يتعرّضون في كتبهم لبيان السبب ومع ذلك يقبل
قولهم في الجرح والتعديل.
ووجه الاندفاع
ممّا ذكر ظاهر. والتفريع غير خفيّ عليك بعد ما عرفت الحقّ.
فصل [١٦]
إذا تعارض الجارح
والمعدّل وأطلقا ، فالوجه تقديم قول الجارح ؛ لأنّ المعدّل يخبر عمّا ظهر من حاله
، أي يشهد بأنّه لم يعلم منه فسقا ، والجارح يخبر عن باطن خفيّ عنه ، فتقديم قوله
جمع للجرح والتعديل ؛ لأنّه يوجب صدقهما ، وتقديم قول المعدّل يوجب كذب الجارح.
والجمع أولى مهما أمكن ؛ لأنّ تكذيب العدل خلاف الظاهر.
ويظهر ممّا ذكر
أنّه لم يقع بينهما حينئذ تعارض. هذا إذا لم يزد عدد المعدّل على عدد