وأمّا الثاني ؛
فلأنّ السبب إذا كان مدحا أفاد الوثاقة ، يوجب التثبّت وحصول الظنّ بالصدق ، فيجب
قبوله وإن لم يثبت منه العدالة. والبصير يعلم أنّ المعتبر في قبول الخبر صدق مخبره
، ولا مدخليّة لسائر أفعال الجوارح والاعتقاد ، كما صرّح به الشيخ في العدّة [١]. فإذا عرف صدقه ، كان خبره مقبولا وإن كان فاسد العقيدة ، ومذموما في بعض
الأفعال. وإن لم يعرف صدقه ، لم يكن خبره مقبولا وإن كان صحيح الاعتقاد وممدوحا في
بعض الأفعال. والسرّ في اشتراط العدالة هو استلزامها الصدق ، واستبعاد اجتماع
الفسق بالجوارح مع الصدق.
ثمّ الحجّيّة
والقبول إذا لم يكن شاذّا ولا معارضا بغيره ، ومع الشذوذ والمعارضة يجب الطرح وطلب
المرجّح.
وعمل طائفة من
الأخباريين بالأخبار الشاذّة [٢] ؛ بناء على عدم حجّيّة الإجماع عندهم ، وستعلم الحال [٣].
هذا ، وأمّا
الضعيف بأقسامه ، فلا ريب في عدم كونه مقبولا وإن كان قويّا ؛ والسرّ ظاهر.
نعم ، الحقّ أنّه
إذا انجبر بعمل الأصحاب سيّما القدماء منهم ، يكون مقبولا ؛ لحصول التثبّت والعثور
على كونه معتمدا عليه ، وليس الحجّة حينئذ هو عمل القوم ؛ لأنّه ليس حجّة إذا لم
يكن إجماعا ، بل الخبر المنجبر ؛ لما ذكر [٤]. ولا استبعاد بعد
الدليل في عدم حجّيّة أمر ، وصيرورته حجّة بعد اقترانه بأمر آخر وإن لم يكن هو
حجّة مستقلّة.
فائدة
المشهور بين
العامّة والخاصّة التسامح في أدلّة السنن ، فيقبلون الخبر الضعيف في المستحبّ
والمكروه ، ونحو المواعظ والقصص إذا لم يبلغ الضعف حدّ الوضع. وهو حقّ.
لنا : ما رواه
الفريقان عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بما