يشترط في صحّة
التواتر شروط ، بعضها في المخبرين ، وبعضها في
السامعين :
والأوّل أربعة :
الأوّل : أن يبلغ
عددهم في الكثرة حدّا يمتنع معه عادة تواطؤهم على الكذب. ووجه اشتراطه ظاهر.
والحقّ أنّه لا
يشترط فيه عدد خاصّ ، بل الضابط فيه ما يفيد العلم ، وهو يختلف باختلاف القرائن
والوقائع ، وأحوال المخبرين والسامعين. وتفاوت كلّ منها يوجب اختلاف العدد بحيث لا
يمكن حصره ، فكيف إذا تركّب بعضها مع بعض. ولو كان العدد المخصوص معتبرا لما وقع
الاختلاف؟
وأيضا يحصل لنا
العلم من الأخبار المتواترة من غير تنبّه [١] لعدد مخصوص ، ولو
كان شرطا ، لتوقّف حصوله على حصوله.
واجيب عنه : بأنّ
التوقّف على حصوله في الواقع ، لا على العلم به [٢].
وفيه : أنّ حصول
العلم لو كان مسبّبا عن عدد خاصّ ، لعلم حصوله عند حصوله ، مع أنّه يحصل لنا العلم
من الأخبار المتواترة ولا ننتقل منه إليه.
ثمّ لمّا كان حصول
العلم من الخبر المتواتر تدريجيّا ـ لأنّه إذا سمع من واحد أفاد ظنّا ، وكلّما
تكرّر قوي ، وهكذا يتقوّى بتدريج إلى أن يصير علما ـ فحصول العلم بعدد التواتر
يتوقّف على ضبطه تدريجا ، وهذا مع صعوبته موجب لاختلافه للأسباب المذكورة.
هذا ، ولكن يجب في
المتواتر أن يكون للتعدّد والكثرة دخل في إفادة العلم وإن اختلف بالامور المذكورة
، فيخرج الخبر المحفوف بالقرينة.
ثمّ القائلون
باشتراط العدد الخاصّ اختلفوا فيه على أقوال شتّى [٣]. ولكلّ قول شبهة