والمتواتر : خبر
جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه. وقيل : أخبار جماعة يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب [١].
والحقّ ـ كما ذهب
إليه أكثر العقلاء ـ : أنّه يجوز تحقّق خبر يفيد بنفسه العلم ؛ لكثرة المخبرين ،
وقد وقع ، كالخبر بوجود البلاد النائية والامم الماضية ، كمكّة وسائر المدن المعروفة
، والأنبياء وباقي الأقوام المشهورة. فإنّا نجد من أنفسنا العلم بها كما نجد منها
العلم بالمحسوسات ، ولا ريب في استناد علمنا إلى الخبر.
وخالف السمنيّة [٢] والبراهمة [٣] في ذلك ، فقال قوم منهم : لا يمكن تحقّق خبر يفيد العلم ،
بل الممكن تحقّق ما يفيد الظنّ [٤]. وقال آخرون بإمكانه فيما يوجد في زمان الخبر ، لا فيما
سلف.
واحتجّوا بوجوه
ضعيفة :
منها : أنّه كما
يجوز الكذب على كلّ واحد منهم حالة الانفراد ، فكذا يجوز عليه في حالة الاجتماع ؛
فإنّ الجملة هي الأفراد بشرط الاجتماع [٥].
والجواب : أنّ حكم
الجملة قد يخالف حكم الآحاد ، وهذا بديهيّ.
ومنها : لو حصل
القطع من الخبر المتواتر لما فرّقنا بين ما مثّل ، وبين علمنا بأنّه لا واسطة بين
النفي والإثبات ، وبأنّ الأربعة زوج ، مع أنّ الفرق ظاهر [٦].
وجوابه : أمّا على
القول بكون العلم الحاصل من المتواتر نظريّا [٧] : فظاهر ؛ لأنّ
الفرق باعتبار النظريّة والضرورة.
[١] ذهب إليه ابن
الحاجب في منتهى الوصول : ٦٩ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى : ١٥٣.
[٢] في القاموس
المحيط ٤ : ٢٣٨ ، « سمن » : « السّمنيّة ـ كعرنيّة ـ قوم بالهند دهريّون قائلون
بالتناسخ ».
[٣] المصدر : ٨١ ، «
برهمة » : « البراهمة قوم لا يجوّزون على الله تعالى بعثة الرسل ».
[٧] نسبه السيّد
المرتضى إلى أبي القاسم البلخي ومن وافقه في الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٤٨٥ ، ونسبه
ابن الحاجب إلى الكعبي والبصري في منتهى الوصول : ٦٨ ، ومختصر المنتهى : ١٥٢.