الخبر حقيقة في
القول المخصوص ، ويطلق مجازا على بعض الدلائل والإشارات ، كما يقال : « النجم
الفلاني يخبر أنّ الليل قد انتصف » و « يخبرني عينه ما في قلبه ». وقد يطلق على
حكم الذهن بأمر على آخر ، ويقال له : الخبر العقلي ، كما يقال للأوّل : اللفظي.
وهذا الإطلاق ليس حقيقيّا [١] ؛ لأنّ الخبر حقيقة في اللفظ المركّب الخاصّ ، بل بعضهم [٢] لم يجوّزه مجازا أيضا.
ثمّ من الناس [٣] من قال : إنّ الخبر لا يحدّ ؛ لبداهته ؛ لأنّ كلّ أحد يعرف أنّ معنى قوله : «
أنا موجود » نسبة الوجود إليه ، وإذا كان هذا الخبر الخاصّ بديهيّا ، فمطلق الخبر
أيضا يكون كذلك ؛ لكونه جزءا له.
ولأنّ [٤] التمايز بين الخبر والإنشاء يعرفه كلّ أحد بالضرورة ، ولذا يورد كلاّ منهما
في موضعه ، ولا يورد أحدهما في موضع الآخر ، وهو يتوقّف على العلم بالمتمايزين.
والجواب عن الأوّل
: أنّ المسلّم أنّه علم نسبة الوجود إليه ، أي حصل في نفسه هذه النسبة مع باقي ما
يتمّ به الخبر ، وهو [٥] غير تصوّر ماهيّة الخبر.
وبيان ذلك : أنّه
قد يحصل [٦] بعض الأشياء بنفسه في النفس من دون تصوّر ماهيّته ؛ فإنّ
أكثر النفوس لم يتصوّر ماهيّات بعض الصفات الحاصلة فيه ، كما يتّفق أنّ العالم
بعلم لم يتصوّر حقيقة العلم ، والشجاع لم يتصوّر ماهيّة الشجاعة ، وصاحب المروءة
لم يتصوّر ماهيّة المروءة ، وهكذا ؛ فيظهر منه أنّ حصول الشيء بنفسه ـ أي العلم
الحضوريّ ـ غير