أحدهما : أنّ المراد من السكران الثمل ، وهو من ظهر منه مبادئ
الطرب وعقله ثابت بعد ، وكثيرا ما يسمّى الثمل سكرا من باب المجاز ؛ لأنّه يؤدّي
إليه غالبا ، ولفظة « حتّى » على هذا بمعنى الغاية ، ويكون ما بعدها مؤوّلا ، أي
يتكامل فيكم العلم والفهم.
وثانيهما : أنّ المراد منه لا تسكروا وقت الصلاة ، نحو « لا تموتنّ
وأنتم كافرون » أي لا تكفروا ، فتموتوا وأنتم كافرون. وعلى هذا لفظة « حتّى »
بمعنى كي.
وكيفيّة التفريع :
أنّه يحكم بنفي تعلّق الحكم بغير المكلّفين ، كالحكم بنفي الحدّ عن المجنون إذا
زنى ، ونفي صحّة تزويج السكرى نفسها ، ونفي صحّة طلاق السكران ؛ وتعلّق الحكم بغير
المكلّفين في بعض الموادّ لدليل خارجي ، كوجوب قضاء الصلاة على النائم والسكران.
ثمّ الحقّ اشتراط
الفهم في ابتداء الفعل وأثنائه ، فلو زال الفهم في وسط الفعل سقط التكليف ؛ لأنّ
الأدلّة تشمل بعمومها أثناء الفعل أيضا ، ولذا لم يفرّق القوم بينهما.
وذكر بعض
المتأخّرين : أنّه يظهر من الأدلّة اشتراط الفهم في ابتداء الفعل فقط ، حتّى لو
نوى الفعل المتوقّف على النيّة مع الفهم ثمّ زال في أثنائه ، صحّ هذا الفعل [٢].
وفرّع عليه صحّة
صلاة الساهي عن بعض الأفعال ، وصوم النائم وصوم من أكل سهوا إذا وقع النيّة منهم
مع التذكّر [٣].
ولا يخفى أنّ
إخراج هذه الأشياء من القاعدة لدليل خارجي ، وفي غيرها ـ ممّا لم يثبت التخلّف
بدليل خارجي ـ يكون الحكم كما ذكرناه. ويتفرّع عليه عدم صحّة صوم المغمى عليه في
أثناء اليوم ، وعدم وجوب القضاء عليه.
فصل [٢٢]
اتّفق أكثر
العقلاء على امتناع تعلّق التكليف بالمعدوم ، وخالف الأشاعرة وصرّحوا بأنّ