وفيه تأمّل ؛ لأنّ
الشارع وإن لم يطلب منّا سوى ما يتحقّق به مسمّى الوجوب ، إلاّ أنّه تحقّق في
الفرض المذكور في جميع الأفراد ، فيجب أن يكون ثوابه ثواب الواجب. وإن أتى
بالأفراد على التعاقب ، فلا تأمّل في كون ما أتى به أوّلا واجبا ، فثواب البواقي
ليس إلاّ مستحبّا.
ثمّ إنّ بعض
الأفراد إذا كان داخلا في بعض آخر ، كمسح الرأس في الوضوء ـ حيث إنّ بعض أفراده
المسح بإصبع واحدة ، وهو داخل في المسح بثلاث مثلا وأتى المكلّف بالفرد الأكمل ـ فالحقّ
هنا أنّه يوصف بالوجوب ؛ لأنّ الواجب هو الماهيّة الكلّيّة التي يمكن أن تتحقّق في
الفرد الناقص والكامل ، وهنا تحقّقت في الكامل ، فيتّصف بالوجوب ، ويثاب عليه ثواب
الواجب.
ومن قال : إنّ
القدر الزائد مستحبّ [١] ، فنظره إلى أنّه ليس بواجب. وجوابه معلوم.
وإذا ترك جميع
الأفراد ، فلا شبهة في أنّه لا يعاقب إلاّ على أقلّها ؛ لأنّه لم يطلب سواه.
وممّا يتفرّع عليه
: أنّه إذا أوصى رجل بفرد معيّن من أفراد الكفّارة ، وكان أعلى الأفراد ، فهل يحسب
من الأصل ؛ نظرا إلى أنّه لو أتى به اتّصف بالوجوب ، أو يحسب الزيادة من الثلث ؛
نظرا إلى أنّ الواجب أقلّ منه؟ والظاهر ، الثاني.
تذنيب
يصحّ التخيير بين
الواجب والندب ، وهذا ما يقال : إنّ أحد الفردين أفضل ، كالتخيير بين صلاة الجمعة
وصلاة الظهر على القول به ، والتخيير بين القصر والإتمام في المواطن الأربعة [٢] ، وتخيير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قيام الليل بين الثلث والنصف والثلثين [٣] ، وتخيير المدين بين الإنظار والصدقة [٤] ، وغير ذلك.
ويجوز التخيير بين
المندوبين ، كما إذا نذر بأن يفعل أحد الأمرين ، ولم يجر الصيغة ؛ فإنّه يستحبّ
الوفاء به ، ويتخيّر بينهما.