واستدلّ المخالف :
بأنّه طاعة ، وهي فعل الأمور به. وبأنّ أهل اللغة مصرّحون بأنّ الأمر ينقسم إلى
الإيجاب والندب ، والمقسم مشترك بين الأقسام [١].
والجواب : منع كون
كلّ طاعة مأمورا بها حقيقة ، وكذا كون كلّ مقسم حقيقة في أقسامه ، بدليل كون
الإباحة والتهديد من أقسامه مع كون الأمر فيهما مجازا بالاتّفاق.
ويظهر فائدة
الخلاف فيما إذا نذر أو حلف أن يأتي بصلاة مأمور بها ، فهل يبرأ ذمّته بالنوافل ،
أم لا؟ وقد عرفت الحقّ [٢].
ثمّ الكلام في كون
المكروه تكليفا ومنهيّا عنه كالكلام في كون المندوب تكليفا ومأمورا به ، والأدلّة
التي تجري في عدم كون المندوب تكليفا ومأمورا به تجري في عدم كون المكروه تكليفا
ومنهيّا عنه.
ثمّ إنّك قد عرفت
فيما سبق [٣] أنّ المكروه يطلق على ثلاثة معان : من جملتها الحرام ،
فهذان الحكمان للمعنيين الأخيرين له ؛ لكون الحرام تكليفا ومنهيّا عنه جزما.
وكيفيّة التفريع
كما عرفت في المندوب.
فصل [٨]
اعلم أنّ المباح
يطلق على معان :
منها المأذون فيه شرعا ، مباحا كان ، أو واجبا ، أو مندوبا ، أو
مكروها.
ومنها ما لا يمتنع عقلا ، لازما كان ، أو راجحا ، أو متساوي
الطرفين.
ومنها ما استوى فيه الطرفان شرعا ـ وهو الذي عدّ من الأحكام
الخمسة ، وقسيما للواجب ـ أو عقلا ، كأفعال غير العقلاء.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أنّه نقل عن بعض الاصوليّين القول بكون المباح جنسا للواجب [٤] ؛