والمطلوب هنا بيان
أنّ الوجوب والحرمة [١] العقليّين هل يستلزمان الشرعيّين ، أم لا؟
وجه الاستلزام :
أنّ الحرام العقلي لا بدّ أن يكون مذموما عند كلّ عاقل وحكيم ، والواجب العقلي لا
بدّ أن يكون ممدوحا كذلك ، فالحرام العقلي لا بدّ أن يكون مكروها ممقوتا عند الله
، وهذا معنى استحقاق عذابه [٢]. وقس عليه الواجب العقلي.
وأيضا القطع بعدم
العقاب على المحرّمات العقليّة مستلزم لإغراء المكلّفين على القبائح ، وهو قبيح من
الله تعالى.
ووجه عدم
الاستلزام : قوله تعالى : ( وَما كُنَّا
مُعَذِّبِينَ )[٣] إلى آخره ، والأخبار الدالّة على أنّ التكليف لا يكون إلاّ بعد البعث [٤] ، وما ورد من قولهم عليهمالسلام : « كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » [٥].
وقد عرفت الجواب
عن الآية [٦]. ومنه يظهر الجواب عن الأخبار. فالحقّ الاستلزام.
ولو لا ذلك لم يكن
للعقل مدخليّة في إدراك أحكام الله تعالى مطلقا ، مع أنّه يمتنع الإدراك بدونه ،
كما لا يخفى.
نعم ، قد يغلط بعض
العقول ، والمناط العقل الصحيح ، فجميع الأحكام الشرعيّة موافقة لمقتضيات العقول
الصحيحة ، إلاّ أنّ عقول أمثالنا قاصرة عن إدراك جميعها ، وأحدهما مستلزم للآخر
وإن خفي في البعض على بعض العقول.
تقسيم
كلّ واحد من
الواجب والمستحبّ قد يوصف بكونه أداء ، أو إعادة ، أو قضاء ، أو تقديما.
فالأداء ما فعل في
وقته المقدّر له شرعا أوّلا ، ولم يسبق بآخر مشتمل على نوع من الخلل.
[٤] منها : ما في الكافي
١ : ١٦٢ ، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة ، ح ١ ، و ١٦٤ ، باب حجج الله على
خلقه ، ح ٢ ، والتوحيد : ٤١٤ ، باب التعريف والبيان والحجّة ، ح ١١.