السكينة والوقار ، فما أدركت فصل وما سبقت به فأتمه ، فان الله عزوجل يقول : ( يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا
إِلى ذِكْرِ اللهِ ) قال : ومعنى فاسعوا هو الانكفاء [١] ، فتأمل.
واعلم أن الامر
اذا علق على علة ثابتة عليتها بالدليل ، مثل ان زنا فاجلدوه ، فالاتفاق على أنه
يجب تكرر الفعل بتكرر العلة ، للإجماع على وجوب اتباع العلة واثبات الحكم بثبوتها.
وان علق على
غيرها ، أي : على أمر لم يثبت عليته ، نحو اذا دخل الشهر فاعتق عبداً من عبيدك.
فالمختار عند المحققين أنه لا يقتضي تكرر الفعل بتكرر ما علق به ، لان السيد اذا
قال لعبده : اذا دخلت السوق فاشتر كذا ، مقتصراً عليها غير مكرر لها بتكرار دخول
السوق ، عد ممتثلا ، وذلك معلوم قطعاً. ولو وجب تكرر الفعل بتكرر ما علق به لما
كان كذلك.
فنقول : لا ريب
في أن النداء ليس بعلة ثابتة عليتها بالدليل لوجوب السعي لانه ليس بواجب ، فتعليقه
عليه يدل على أنه ليس بواجب أيضاً ، لان تعليق الواجب على المندوب ينافي وجوبه.
وبهذا ينهدم
أساس ما بني من أن الامر للوجوب ، وانه اذا وجب السعي اليها وجبت هي أيضاً ، الا
أن يقول : لما كان السعي واجباً ، فتعليقه عليه يوجب وجوبه أيضاً.
وفيه أنه قال :
تعليق السعي عليه يستلزم وجوبه ، فاذا قال بوجوب النداء لتعليق السعي عليه جاء
الدور ، مع أنه مناف للقاعدة المذكورة آنفاً. وأيضاً لو كان النداء علة لوجوبه ،
كما ينادى به قوله : وحيث ينادى لها يجب السعي ، فاذا لم بتحقق النداء لم يجب
السعي بل يحرم ، كما أنه اذا لم يتحقق الزنا لم