وقد عرفت أن
المراد بالصلاة في الآية هو الظهر ، فمن ادعى أن المراد بالذكر صلاة الجمعة أو
خطبتها أو هما معاً فعليه الدليل ( قُلْ هاتُوا
بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ).
اللهم الا أن
يقولوا انا وجدنا آبائنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون ، وقول المفسرين على تقدير
اتفاقهم [٢] ليس بحجة [٣] ، اذ الادلة الشرعية منحصرة في أربعة أو خمسة ، وقد مرت
اليه الاشارة ، وما عد قولهم منها ، مع أنهم أخذوا بعضهم من بعض تقليداً من غير
نظر دقيق ، أو فكر عميق ، وليس في الاخبار ما يدل على المراد به الصلاة أو خطبتها
أو هما معاً ، كما ادعاه القائلون بالوجوب العيني.
[٢] فان اتفاقهم ليس
باجماع ، وهو اجتماع رؤساء الدين في هذه الامة في عصر على أمر فضلا عن أن يكون
اجماعاً معتبراً عندهم ، وهو ما علم دخول المعصوم فيه خصوصاً على طريقة المستدل ،
فانه غير قابل به مطلقا ، ولا يكون هو عنده حجة ، كما مر في مقدمة كتابه.
والغرض اما الرد عليه ، مع أن
المفسرين ما استدلوا على ما ادعوه بدليل يعتمد عليه ولا استندوه الى قول من يركن
النفس اليه ، بل اكتفى بعضهم بمجرد أن قال : المراد بالذكر هنا الخطبة ، وفسره
الآخرون بصلاة الجمعة من غير دليل وبيان ولا حجة وبرهان « منه ».
[٣] ومن أراد أن
يعرف أن قول المفسرين واتفاقهم واجماعهم ليس بحجة ، وانه لا يجوز تقليدهم ولا
الاعتماد على قولهم ، فعليه بمطالعة ما ذكره المستدل قدسسره
في ديباجة تفسيره الصافي ، فانه قد بين ذلك فيه بما لا مزيد عليه ، ولانى لا عجب
منه أنه كيف اعتمد في هذا المقام على قولهم؟ وبنى أساس الاستدلال ومداره عليه ، مع
ما قاله في هذا الكتاب ، ولعل ذلك منه قدسسره
كان بعد أن وصل الى مقام التحقيق والتدقيق وكان هذا قبله « منه ».