أوهم ذلك أن كل
ماء مسخن حكمه ذلك ، فدفعه باباحة الوضوء من ماء غيرته النار ، فالامر فيه للاباحة
، كقوله ( كُلُوا وَاشْرَبُوا )[١] كأن المخاطبين توهموا أن ليس لهم أن يتوضؤوا من ماء
سخنته النار فأباح لهم ذلك وقال : توضؤوا منه.
فالوضوء فيه
بمعناه الشرعي ، كما هو المتبادر من الاطلاقات الشرعية ، والعائد الى الموصول
محذوف.
وكلمة « من »
فيه : اما مرادفة للباء ، نحو « يَنْظُرُونَ مِنْ
طَرْفٍ خَفِيٍّ » [٢] على ما قاله
يونس ، أو لبيان الجنس فانك اذا قلت توضأت ، يقال : من أي ماء؟ تقول من ماء حار ،
تأمل في هذا تعرف.
وهذا لو لم يكن
أجود مما حمله عليه السيد السند المرتضى فليس بأدون منه فان فيما حمله عليه
تكلفات.
أما أولا ،
فلانه حمل [٣] الوضوء فيه على معناه اللغوي ، وهو اذا كان الكلام من
صاحب الشرع بعيد.
وأما ثانياً ،
فلانه لا بد فيه من القول بحذف المضاف في قوله « مما » أي : توضؤوا من مس ما غيرته
النار ، والحذف خلاف الاصل ، وانما يصار اليه اذا كانت هناك قرينة واضحة ، أو لم
يصح الكلام بدونه ، وهما هنا ممنوعان. وأما حذف العائد ، فمشترك بين الوجهين ، وهو
شائع.
وأما ثالثاً ،
فلانه يلزم من حمله هذا رجحان غسل اليد بمجرد مس الخبز