مسألة : إنّما يد المسلم مفيدة وتصير أمارة إذا لم يكن الجلد
المأخوذ منه مسبوقا بيد الكافر أو مجلوبا من أرضهم ، فلو كان المأخوذ من يد المسلم
هكذا لم يكن محكوما بالتذكية ، وذلك لأنّ الأدلّة الدالّة على حجيّة اليد لا تدلّ
على كون الحكم واقعيّا ، فإنّ الأدلّة إمّا أن تكون في مقام بيان قضايا حقيقيّة
واقعيّة ، وإمّا أن تكون قضايا خارجيّة ، فيصير مفاد الاولى بيان الحكم الكلّي ،
والثانية الحكم الجزئي الخارجي وبعد أن عرفت أنّ أخبار اليد ناظرة إلى ما كانوا
مبتلين به وسألوا عنه ، ومن المسلّم أنّه ما كان في زمن ورود الروايات الجلود
مجلوبة من بلاد الكفر ، بل كان [من] بلد المسلمين وكان المسلمون فيها أغلب ، بخلاف
ما يجلب في عصرنا من الجلود ونحوها من بلاد الكفر ، ويقطع بكون أصل منشأها تلك
البلاد الّتي لا يفرّق فيها بين المأكول مأكول اللحم وغيره ، ولا بين المذبوح
والميتة ، وما يكون فيها سلطنة للمسلمين.
وبالجملة ،
شمول أدلّة السوق واليد لمثلها في غاية الإشكال ، فالأقوى الاجتناب ، إلّا أن يظنّ
بأنّ من اشترى من المسلمين منهم أوّلا قد تحرّى وثبت عنده عدم كون المجلوب من
الميتة ، فيحمل على الصحّة ويجوز الاستعمال.
ولا يخفى أنّه
لا يجوز في المقام التمسّك بالإطلاق المستفاد من ترك الاستفصال ، فإنّ مقام
التمسّك إنّما هو إذا كان للمسئول حين السؤال فردان أو أكثر ، حتّى يحمل الجواب
على كلّ الأفراد ، وقد قلنا : إنّ حمل الجلود ونحوه ما كان معمولا من البلاد
المختصّة بالكفّار في عصر ورود الأخبار.