إلى من غرّ» [١] من إثبات رجوع حقّ للمالك إلى المغرور إنّما هو موافق
لما تقتضيه القاعدة.
وتبيّن ممّا
ذكرنا حكم الصورة الثانية ؛ وهي أن يصير مغرورا في إتلاف مال نفسه فإنّه يجري هنا
أيضا ما بيّناه في ما تقدّم إذا كان مباشرته لإتلاف مال نفسه بأكله أو غيره تحت
اختيار السبب الأوّل ، وهو الغارّ فلمّا يستند الإتلاف إليه فيصير ضامنا للمغرور.
ضمان المكره وعدمه
وأمّا
الثاني ؛ وهو ما إذا
كان السبب الثاني الّذي هو المباشر مكرها ، فالكلام فيه في مقامين :
الأوّل : في الحكم التكليفي له ؛ قد أشرنا عند بيان قاعدة «لا
ضرر» أنّ الرافع للحكم التكليفي في باب المحرّمات ليس إلّا قاعدة الحرج ، فهي إذا
صدقت يرتفع التكليف ويجوز ارتكاب المحرّمات ، ولا إشكال أنّ مسألتنا ـ وهو إتلاف
مال الغير ـ إنّما هي أيضا من المحرّمات ، فارتفاع الحرمة عن عمل المكره إنّما
يتوقّف على أن يكون المكره عليه حرجيّا ، بأن يترتّب على تركه الضرر الحالي أو
العرضي على المكره لا مطلق الضرر ما لم يصل إلى حدّ الحرج ، هذا بالنسبة إلى
المكره وعمله.
وأمّا بالنسبة
إلى المكره ـ بالكسر ـ فالتحقيق أنّه لا يتوقّف كون فعله وإكراهه حراما على كون
المتوعّد عليه أمرا حرجيّا ، بل يكون فعله حراما مطلقا ،