ثمّ إنّه عليهالسلام ما اكتفى بذلك ـ أي بيان حقيقة العدالة وما هو محقّق
لها واقعا ـ بل بيّن علامة لها إمّا من جهة اشتمال السؤال عنها أو أنّه عليهالسلام بنفسه أبدع فقال : «وتعرف باجتناب الكبائر الّتي أوعد
الله تعالى عليها النار» [٢] أي يعرف الأمران بذلك ، فهذه علامة للمعرّف ولا ربط له
بالمعرّف أصلا حتّى يشكل الأمر من جهة كونها مخالفة لما ذكره عليهالسلام أوّلا ، أو غيرها ، كما قد يتوهّم.
هذا تمام
الكلام في حقيقة العدالة ، وأمّا مسألة اعتبار المروّة وعدمها فسيأتي البحث فيها.
تحديد الكبائر وبيان الإصرار على الصغائر
بقي الكلام في
تحديد الكبائر الّتي انيطت العدالة بالاجتناب عنها ، ولقد أحسن شيخنا قدسسره في تحقيق هذه المسألة ، حيث جعل الضابط لها أحد الوجوه
الخمسة [٣] فهي الّتي تسلم عن الإشكال طردا وعكسا ، إذ من تقدّم
عليه اكتفى ببعضها فحينئذ أورد بعدم الجامع أو عدم المانع [٤] ، فهو إذا جعل جميع الخمسة الّتي ثلاثة منها يرجع إلى
تعيّنها بالنصّ الصريح ، وواحدها بحكم العقل ، والآخر بالاستفادة من الدلالة
الالتزاميّة من النصّ وهو ما ورد النصّ بعدم قبول شهادة من ارتكبه ، أو عدم جواز
الصلاة خلفه وغير ذلك ممّا يعتبر فيه العدالة ، حيث إنّ ذلك