كان شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي
في بحثه عن سعادة وشقاوة النفوس بعد مفارقة البدن ، متأثراً إلى حد كبير بالشيخ الرئيس ابن سينا.
وقبل بحثه عن السعادة والشقاوة يذكر عدة
أصول ومقدمات ذكرها الشيخ الرئيس في بحثه ، ومن هذه المقدمات : إن كمال
الجوهر المدرك ـ أي النفس ـ أن يصير عالماً عقلياً ينتقش بجميع الوجود من
لدن مسبب الاسباب الحق الأول آتياً على العقول والنفوس والأجرام فما تحتها
على النظام الذي له ، وأما كماله من جهة العقل العملي ـ أي من جهة علاقته
بالمادة ـ هو أن يحصل لها الهيئة الاستعلائية على البدن ولاتنفعل عن قواه ،
ويحصل لها العدالة وهي عفة وشجاعة وحكمة ، وهي ملكة توسط القوة الشهوانية
والغضبية واستعمال القوة العملية فيما يدبر به الحياة وما لا يدبر. [١]
وعن النفوس السعيدة وحصول السعادة
الأبدية لها ، يقول شيخ الإشراق : وإذا كنا في هذا العالم لا نجد لذة
المعقولات ، ولا تتألم عن الرذائل والجهل ، وذلك لأجل كون سكر عالم الطبيعة
غالب علينا ، والذي أشغلنا عن عالمنا ، فاذا زالت هذه الشواغل ، فالذي له
الكمال يكون لها لذة لا نهاية له وذلك بمشاهدة واجب الوجود والملأ الاعلى
وعجائب عالم النور ، ويبقى في تلك اللذة على الدوام (
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ).
[٢]
أما عن شقاوة النفوس وكيفية حصول
الشقاوة الأبدية لها ، فيقول شيخ الاشراق : وإذا لم تشتق النفس إلى كمالها
أو لم تتلذذ ، فان ذلك لعوائق بدنية ، وهذه الهيئات والملكات الردية إذا
تمكنت بعد المفارقة كانت النفس بعدها
[١].
راجع : شهاب الدين سهروردي ، مجموعة
مصنفات شيخ اشراق ، التلويحات ، ص ٨٧ ، پرتونامة ، ص ٦٨.
[٢].
راجع : سهروردي ، مجموعة
مصنفات شيخ اشراق
، پرتو نامه ، ص ٧٠.