وفي عهد عمر بن الخطاب اتّخذ الحصار
أبعاداً أكثر خطورة ، فقد ذكر المؤرّخون أنّ عمر حظر على أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآله الخروج من المدينة
إلاّ بترخيص منه ، وقد طال الحظر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام حتّى مثّل هذا
الأمر نمطاً آخر من الضغوط التي مورست على أهل بيت الوحي الطاهرين.
أجل ، لقد أدّت هذه الممارسات القهرية ،
والمواقف الظالمة إلى إقصاء عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام
وجعلته جليس بيته ، ومن ثمّ تغييبه عن الميادين السياسية والاجتماعية حتّى صار
نسياً منسياً ، وإن كان الخليفة يرجع إليه في بعض المسائل أحياناً ، ولعلّ السبب
في عدم إبعاده عن المدينة ، هو حاجته إليه في القضايا التي كانت تستجد للخليفة ، ولم
يكن بمقدور أحد غير عليّ عليهالسلام
أن يقدّم الحلّ المقبول لها.
وبالحكمة السّديدة ، والصبر الجميل كظم
أمير المؤمنين عليهالسلام
غيظه ، متغاضياً عن حقّه الذي استأثر به عمر بعد أبي بكر من دون حقّ شرعي ولا حجّة
بالغة ، وفي كلّ ذلك عاش الحسين عليهالسلام
مع آلام أبيه عليهالسلام
، ورأى كيفية تعامله مع الحدث ، وهو يحمل هموم الاُمّة الإسلاميّة ويقلقه مصيرها ،
إنّه يتذكّر كيف كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
يؤثر عليّاً على كلّ مَنْ عداه ، ويوصي به الاُمّة المرّة بعد المرّة ، ولكنّه
الآن مقصيٌّ عن مقامه ، فما كان يملك إلاّ أن يكتم أحاسيسه ومشاعره.
يروى : أنّ عمر ذات يوم كان يخطب على
المنبر فلم يشعر إلاّ والحسين عليهالسلام
قد صعد إليه وهو يهتف : «انزل
عن منبر أبي ، واذهب إلى منبر أبيك»
،